د. عبد المنعم الوكيلي
لقد كان الأدب ولا يزال سببا في حركة تغيير كبيرة، وقد يتناول ذلك التغيير أو التأثير مستويات ثقافية بعينها، أو يتناول القاعدة الشعبية العريضة ككل، وإذا كان العمل الأدبي كما عرفه سيد قطب في كتابه النقد الأدبي أصوله ومناهجه أنه تعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية. وكما هو معروف فإن التعبير في اللغة يشمل كل صورة لفظية ذات دلالة، ولكنه لا يصبح عملا أدبيا إلا حين يتناول تجربة شفوية.
وعلى العموم يمكن تعريف مفهوم الأدب الإسلامي عند الدكتور نجيب الكيلاني بإيجاز بالغ أنه تعبير جمالي مؤثر بالكلمة عن التصور الإسلامي للوجود، ومن ثمة نكون إزاء ركنين أساسيين يتضمن كل منهما عناصر فرعية.
أولا : التعبير الجمالي المؤثر بالكلمة، ولا بد أن يتحقق التعبير بالكلمة حسب نجيب الكيلاني، وليس بأية أداة أخرى، وأن يسلك جماليته الخاصة، وقدرته في الوقت نفسه على التأثير وعلى تبليغ الشحنة الفنية إلى الآخرين وإحداث الهزة المرجوة فيهم.
ثانيا : التصور الإسلامي للوجود، ولا بد أن يملك الأديب المسلم في تصور الكيلاني فلسفة، أو موقفا شموليا إزاء الكون والحياة والإنسان، وأن ينبثق هذا التصور الذي يطبع التجربة الذاتية عن الدين الإسلامي المتفرد المبين.
إذن لا بد من وجود الركنين بكل عناصرهما الفرعية، لكي يتحقق مفهوم الأدب الإسلامي. ولتحقيقه لا بد من وجود القدرة الإبداعية لدى الأديب الإسلامي من جهة، ونقاء التصور الإسلامي تنظيرا وممارسة علما وعملا من جهة ثانية.
وإجمالا يمكن القول إن مفهوم الأدب الإسلامي عند نجيب الكيلاني يهدف أول ما يهدف إلى تمثيل أمراض المجتمع الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ويثير في النفوس الرغبة للعمل الجاد، والبناء الهادف، ويربط حياة الفرد وحركة الجماعة بآداب ونظم الشرائع الكونية. ذلكم هو المضمون الفكري للأدب الإسلامي عند الكيلاني، سواء أكان قصة أو رواية أو مسرحية أو شعرا، أو فيلما سينمائيا، أو غير ذلك من فنون الأدب والإبداع.
ويخطئ من يظن أن الأدب الإسلامي كما يقول نجيب الكيلاني في كتابه “آفاق الأدب الإسلامي” ينافق المجتمع أو يعتصم بالجمود والتخلف والرجعية الفاسدة، أو يتعسف حلولا لقضايا الناس وعللهم لا تمت إلى الواقع بصلة، فالعلاقة بين المعتقدات وبين حركة الحياة علاقة فهم وتبادل وليست علاقة جهل وتعسف.
فالأدب الإسلامي ليس قواعد جامدة، أو صيغ معزولة عن الحياة والواقع، أو خطب وعظية تثقلها النصوص والأحكام ولكنه صورة جميلة فنية متطورة، تتزين ما يزيدها جمالا وجلالا، ويجعلها أقوى تأثيرا وفاعلية.
فليس بدعا، أن يقف الأدب الإسلامي في هذا العصر يفسر ويحلل، ينتقد ويؤثر، يزرع الأمل في النفوس موحيا إليهم بالحياة الفاضلة، وإلى التجربة الحضارية الفذة لعصور الإسلام الذهبية المزدهرة.