ذة. أمينة المريني
كلما حل الحادي والعشرون من مارس وهو اليوم العالمي للشعر وجدتني أسائل نفسي عن جدوى الكتابة ووظيفة الشعر…. هذه المرة نزل السؤال على أرض الواقع وأنا في مدينة السمارة صحبة نخبة من شعراء الوطن نحتفل بالمناسبة… كان للاحتفال نكهته الخاصة ..وقد تم عرض إجابات متعددة عن السؤال في إطار ندوة عقدت صبيحة ذلك اليوم ببلدية المدينة… ثم كانت القراءات بين جمهور كثيف متعطش قاده عشقه للشعر لأن يعانقنا ونعانقه…وللشعر حضور قوي في السمارة فكثير من المغاربة هناك يقرضون منه الفصيح والحساني..ولهم من الذائقة الشعرية ما جعلهم يطربون لكل القراءات التي واكبها عامل المدينة من بدايتها إلى ختامها والعامل شاب عميق الثقافة يقظ متوقد الذكاء كانت له خطرات نقدية دقيقة عن الشعر والثقافة حين كنا في ضيافته..
الاحتفال بالشعر في مدينة السمارة أعاد -كما ذكرت- سؤال الشعر إلى الواجهة وأكد على أدوار أساسية يضطلع بها، ومنها أن الشعر والحرية صنوان وأن الشاعر حر في أن يعود إلى جوهره النقي ويصادق ما ينحدر من سلالة النور متملصا من وطاة المادة وظلمة الطين… في وقت تمر الإنسانية فيه بمرحلة خواء وذبول وترزح تحت نير الوحشية والهمجية والأنانية وهكذا تحقق ذلك الدور الرمزي على أرض السمارة وكأننا نعلن للعالم بأننا ننشد للحرية وللسلم وللوضاءة وللمحبة ونحن نتحدى الأنانيات المسعورة والنزعات المتكالبة…
ومن هذه الأدوار أن يمد الشاعر الآخرين برشفات قوية ونقية تقوي إحساسهم بالبطولات المفقودة وتشد حنينهم إلى كل ماهو متماسك وصلب في زمن التهافت والتفتت وتجوس بهم منابع الغبطة وتزيل عنهم عوامل اليأس والقنوط وتلك أدوار لا تتحقق إلا إذا كف الشعر عن الغموض والإنطوائية وعن التعلق بالمبتذل والساقط والكاذب ورفع صوته جياشا بالحق والخير مفعما بعناصر الجمال ولعله التصور الذي أراده الكثير من الفلاسفة حين اعتبروا الشعر فرعا من فروع المنطق لأن الغاية النهائية منه هي تحقيق السعادة وليست هناك غاية أسعد من أن ينافح الشاعر عن دينه وأمته ووطنه أي عن وجوده…
وأي سعادة أعظم ونحن على أرض السمارة بين أهلنا وذوينا نؤكد أننا موجودون على أرضنا نصل الرحم مع إخواننا ونمد جسورالود بيننا وبينهم ونرى العلم المغربي خفاقا حرا شامخا في سماء السمارة ونرى مخيمات الوحدة شاهدة بمن فيها على الولاء الكبيرللوطن… وبذلك قام الشعر بدوره الطلائعي وأدى وظيفته الروحية في اتراع الروح بحب الوطن وتجديد العهد مع جزء لا يتجزأ من التراب المغربي..
هكذا لم ينسني الانخراط في أجواء الشعر بالسمارة مفعمة بهذا الفيض الروحي أن أحمل حفنة من تراب الساقية الحمراء فأشبعها لثما وعناقا وأنا أحدث نفسي بأن لا شيء في الدنيا يعدل حب الوطن….ويعدل الإحساس بقيمة الشعر خصوصا على أرض السمارة العزيزة.