مذكرة اعتقال البشير وازدواجية المعايير


أيُّ ذل وأي خزي وأي هوان هذا الذي حاق بالعرب والمسلمين، وأحاط بهم إحاطة السوار بالمعصم، كأن الحمية غار ماؤها، ونار الكبرياء خمد أوارها. لطالما قرأنا في كتب التاريخ عن أنفة العرب وعنجهيتهم، ورفضهم الاستذلال واستسهالهم ذهاب أرواحهم في سبيل العيش بكرامة وعزة.

قال المتنبي :

عش عـــزيزا أو مت وأنت كــريم

تحت وقـــع القنا وخفق البنـود

وقديما قال شاعرهم عمرو بن كلثوم :

إذا ما بلغ الفطام لنا صبي      تخر الجبابرة له ساجدينا

هكذا كان العرب، فيا ترى ما الذي غير حالهم حتى  غدوا صِفْراً في معادلة المجتمع الدولي ولا يؤبه بهم، ولا يسمع صوتهم، ولا يؤخذ برأيهم.

ويقضى الأمر إذا غابت تميم      ولا يستشهدون وهم شهود

إن مذكرة اعتقال البشير وصمة عار على جبين زعماء العرب وحكامهم، ودليل واضح على ازدواجية معايير النظام العالمي الجديد، وزيف عدالته العرجاء، التي لا تتلكأ في تسريع الإجراءات وتطبيق القانون -الذي صاغت بنوده على مقاسها، ولخدمة مصالحها- كلما كان الملاحق مسلما أو منصفا يأبى الدخول إلى بيت الطاعة الغرب -أمريكي.

غير أن آلته وإجراءاته ومساطره تصاب بالشلل إذا تعلق الأمر بمجرمي الحرب من بني جلدته وما أكثرهم، وما أفضح جرائمهم، وما  غزة منا ببعيدة إبادة وقتلاً للأطفال والنساء والشيوخ ويشهد بذلك القريب والبعيد، إلا المحكمة الجنائية الدولية فلم يطرق سمعها صراخ اليتامى، وعويل الأيامى، وأنين الجرحى، ولم تبصر -وأنى لها الإبصار وهي عمياء- الدماء التي سالت في شوارع  غزة وأزقتها.

فمن يا ترى يستحق الاعتقال والأصفاد والأغلال؟ أهو البَشير الذي أبى أن يسلم السودان لطواغيت العالم، أم هو بوش الذي قتل الأبرياء،؟ أم هو أولمرت وباراك وليفني مصاصي الدماء؟! إن هذا لشيء عجاب؟!

وصدق الله العظيم إذ يقول : {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون}(الممتحنة : 2).

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>