57- نبضة طبيبة!


فضلت العودة إلى وطني بعد دراسة طويلة لتخصص طبي دقيق، وممارسته لبضع سنوات في أوربا…

شاء القدر أن نتزوج رغم معارضة ذوينا… أنا الطبيبة والأستاذة في كلية الطب.. وهو إنسان،  عصامي، مكافح، طموح، شق طريقه في الصخر، وأصبح يدير ورشة حرفية تشغل  عمالا كثراً.. ليصبح من الأثرياء… أعجبني >قلبه الكبير< وطيبوبته مع عماله وزبنائه، إضافة إلى طموحه، رغم أنه عاش طفولة قاسية، ولم تسعفه ظروفه أن يتخطى التعليم الابتدائي..!

كنت فخورة به… وكنت أصر على مرافقته لي في كل أسفاري المهنية من مؤتمرات أو دورات لتأطير الأطباء… ولم أعر أي اهتمام للمستوى التعليمي بيننا.. يكفي أن كلينا اختار الآخر زوجا!

اكتشفت أن زوجي التحق بدورة مكثفة لتعليم الفرنسية.. شجعته على ذلك، فلا عيب أن يطور ذاته ومهاراته… ولاسن لطلب العلم…!

لكن غيرته تفجرت شظايا شك لتحرقني… أصبح يشك في مكالماتي الهاتفية مع زملائي الأطباء والممرضين لانقاذ حياة المرضى… ولا يقتنع بتاتا بهرولتي إلى المستشفى في أي وقت…، لإسعاف المرضى،… ولا باتصال مرضاي بي في حالات حرجة لإرشادهم إلى دواء معين..

كل ذلك لسبب بسيط.. إنني أتحدث الفرنسية.. بررت له ذلك بأن تعليمنا أنا وزملائي الأطباء بالفرنسية.. وأننا لا نعرف أبداً المصطلحات الطبية بالعربية.. وأنه أولا وأخيراً زوجي (وعلى راسي وعيني أمام الله قبل أن يكون أمام المجتمع).. وأن الطب ليس مجرد مهنة لي، بل رسالة سامية.. فكيف أتوانى عن إنقاذ مريض؟! ولعل الله يثيبك ويأجرك إن ساعدتني في أداء رسالتي هاته…!

أحرقني شكه… لم يُجْدِ الحوار معه، ولا كل الحلول… فكان الطلاق الحل الأوحد…!

بعد تجربتي هاته، أذكّر كل فتاة أن تفكر قبل زواجها -ليس في الدين والخلق فقط، فهذه مُسَلَّمة- ولكن لتتساءل : ما القاسم المشترك بيننا؟!

التكافؤ بين الطرفين ليس مطروحاً في أوربا… ولكن في مجتمعنا أمر آخر… وقلما تنجح مثل زيجتي…!

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>