عزّة أهْل غزّة


آلام الأمة أكثر وأكبر من أن يحيط بها قلم، لكن مع ذلك كله فإن آلام أهلينا في غزة تتصدر كل الآلآم، وبِوَيْلات هذه الآلآم نحلم مع أهل غزة بحلاوة الآمال :

أمل فك الحصار، أمل الأمن، أمل الاستقرار، أمل إنشاء دولة، أمل تحرير الأقصى الأسير، أمل التقدم، أمل الازدهار، أمل الحرية…

آمال عديدة حلوة نحلم بها مع أهل غزة، مع اليقين أن أحلامانا ليست أماني خيالية، ولكنها بإذن الله ستحقق  على أرض الواقع إن عاجلا أو آجلا.

فلقد أثبت التاريخ أن الأزمات حينما تشتد لابُدّ لها من انفراج. سواء أكانت أزمات فردية أم اجتماعية. وكم حدثنا التاريخ عن أناس وجماعات بل وكيانات بلغت منهم الشدة حتى أشرفوا على الهلاك والدمار، فجاء أمر الله بالتفريج عنهم وكُتب لهم النصر على ما هم فيه من أزمات.

في غزوة الخندق حينما تكالبت الأحزاب على المدينة، وشددوا عليها الحصار العسكري والاقتصادي والأمني حتى إن عامة المسلمين كانوا لا يأمنون على أنفسهم من الخروج لقضاء الحاجة، وانضاف اليهود إلى معسكر الأحزاب بنقضهم العهود والمواثيق التي كانت تجمعهم بالمسلمين،، في ظل هذه الحالة الأمنية الكئيبة يبشر الرسول  أصحابه بالنصر… وفعلا كان النّصر وهُزِمت الأحزاب.

وليس مثل هذا النصر ببعيد عن أهلنا في غزة، ماداموا قد حققوا فيهم قول الرسول  >هم في رباط إلى يوم الدين<.

ليس هذا النصر ببعيد عنهم بعدما أثبت أطفال غزة في يوم العيد، أن الحصار والتجويع والتخويف لم ينسيهم فرحة العيد، فاجتمعوا على ما تبقى من أطلال ألعاب يلعبون ويمرحون، مصرحين بلسان المقال لقناة الجزيرة الفضائية بأن الحصار لن يقهرهم، وأنهم يشعرون بالعزة والأنفة وأنهم سيعيشون كما يعيش أطفال العالم،،،  وبلسان الحال للشعوب العربية وأنظمتها أن انظروا إلى حالنا، التفتوا إلينا، فَكُّوا عنا الحصار، أليس منكم رجل أبي عزيز، لقد بحت أصواتنا ولم نعد نجأر بالدعوة إلا إلى رب العباد قاهر الظلمة والجبارين.

عزّة ما بعْدها عزّة والله.

وكأني بأصوات هؤلاء الأطفال الأبرياء قرعت آذان أطفال عديدين في مختلف بلدان العالم الإسلامي، حتى وجدنا طفلا يسكن حيّا من أفقر الأحياء في إحدى مدن المغرب، يفاجئ مراسل قناة “الجزيرة” يوم العيد، بأن قلبه مع أطفال غزّة، ويتمنى أن يكْسَر عنهم الحصار.

وليعذرني الإخوة القراء، عن الحديث عن قناة الجزيرة في هذا المقال، وفي المقال السابق، فلست من أصحاب الدعاية لها، فهي قادرة على إثبات ذلك بذاتها، ولكني أقول بكل صراحة : >إنها القناة الوحيدة التي تحاول يوميا -عبر مراسليها في غزة- أن تكشف ما يعانيه إخواننا في غزة من آلام الحصار وويلاته : جوع، وفقر، وأمراض من مختلف الأحجام والأشكال، وخوف وعري، وظلام، وبؤس، وقتل وتشريد، أما قنواتنا الأخرى فهي مشغولة بالتفريج عن هم ملْأَى البطون والأدمغة، بالمسلسلات والأفلام وصور هز البطون وغير البطون، وليس في برامجها عن غزة إلا أنهم مارقون وانقلابيون وظلاميون وربما إرهابيون<.

فتحية لقناة الجزيرة على السبق الإعلامي الذي سيسجله التاريخ بمداد من ذهب.

وتحية لإخواننا في غزة على هذه العزة التي رفعت رؤوسهم عاليا رغم الجوع والفقر فما وهنوا وما استكانوا وماذلوا،

وتحية إلى الأستاذ أحمد الأشهب كاتب عمود >نبض القلب< بهذه الجريدة الغراء، وأقول له : >لئن انتفت العزة في حصار غزة” فمن يقوم بالحصار نيابة عن الاسرائيليين، فإنها بحمد الله ثابتة في قلوب أبناء غزة، {ولينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز}.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>