الترغيب والترهيب


الترغيب والترهيب هو أسلوب مادة الوعظ وأساسها ومنهجها وقوتها التي تبعث في النفوس روح الأمل والحذر، وهو عقل الموعظة وضميرها وعاطفة الواعظ التي تسع الناس وترعاهم.

فالتبشير برحمة الله تعالى يعلق القلب بعَفْوِ الله، ويقربه من سيده ومولاه، ويحببه في الأنس به والشوق إلى لقائه، ويرغبه في طاعته والفوز بما أعده لأوليائه. والتخويف بعذاب الله تعالى ووعيده ينفر من معصية الله، ويصد الناس عن الفواحش والشهوات، والمفاسد من الملذات وسَيِّء العادات.

إذن فهو الأمر الوسط لا قنوط ولا أمن، قال الإمام علي كرم الله وجهه : إنما العالم الذي لا يقنط الناس من رحمة الله تعالى ولا يؤمنهم من مكر الله.

وقـال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : فعلى الواعظ أن يقتدي بسيد الوعاظ  فيتلطف في استعمال أخبار الخوف والرجاء بحسب الحاجة بعد ملاحظة العلل الباطنة، وإن لم يراع ذلك كان ما يفسذه بوعظه أكثر مما يصلحهُ. وقال أيضا : فلهذا يجب أن يكون واعظ الخلق متلطفاً ناظراً إلى مواقع العلل معالجاً لكل علة بما يضادها لا  بما يزيد فيها، فإن المطلوب هو العدل والقصد في الصفات والأخلاق كلها وخير الأمور أوسطها، فإذا جاوز الوسط إلى حد الطرفين عولج بما يرُده إلى الوسط لا بما يزيد في ميْله عن الوسط(1).

إن أسلوب الترغيب والترهيب فيه اعتراف بطبيعة البشر، وبآدمية الإنسان، فالإنسان جسم وروح، ولكل منهما أشواقه ومتطلباته، والإنسان برزخ بين الملائكة الأطهار والشياطين الأشرار، فلا نتوقع من المسلم أن يصير ملكا كريما، ونرهبه أن يصبح شيطاناً رجيماً، ونكتفي منه بتحقيق وظيفته في حدود بشريته قال تعالى : {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون}(الذاريات : 56).

ومن ثم فالواعظ صاحب رسالة ودعوة يتقلد فيها وظيفة أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة والسلام، فيجب أن يكون صاحبَ نفس يغمرها البشر والأمل، فإذا ذكَّر الناس فلاَ ينس تبشيرهم بعد  إنذارهم، وترغيبهم بعد ترهيبهم، وتطمينهم بعد تخويفهم، إنها مهمة الأنبياء عليهم السلام قال تعالى : {كــان الناس أمــة واحدة فبعث الله النبيّين مبشرين ومنذرين}(البقرة : 213).

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>