منظمة طلابية تواجه جيوش الغرب بأفغانستان


ما زلنا نذكر الثورة الطلابية الفرنسية في ماي 1968 بزعامة الطالب الألماني اليهودي بنديت كوهين التي زعزعت نظام الرئيس دوكول.

وفي أقصى الشرق ظهرت منظمة طلابية دينية عُرفت بطالبان (جمع طالب) وقد استولت على الحكم بأفغانستان بعدما ثارت على بعض فصائل المجاهدين الذين انشغلوا بالتقاتل فيما بينهم واستطاعت منظمة طالبان أن تقيم نظامها على أساس ديني محض وقد كانت باكستان تناصرها ومن فوقها أمريكا وشهدت البلاد في عهدهم أمنا شاملا وخلوا البلاد من المخدرات إلا أنهم لم يسيروا وفق ما كانت تريد أمريكا وباكستان فقوضوا نظامهم وشتتوا دولتهم وصبوا عليهم وعلى القاعدة أفتك القنابل المعروفة بالدمار الشامل فاعتصمت المنظمة الطلابية بالقبائل وبالجبال وبالأطراف وكانت المواجهة شديدة بينهم وبين جيوش الحلف الأطلسي وجيوش أخرى غربية مثل جورجيا  والعجيب أن إيران أعلنت أكثر من مرة أنها ساعدت أمريكا على احتلال أفغانستان كما أباحت روسيا أجواءها للطيران الأمريكي وأتباعه، وكان الظن القوي بل كان اليقين أن هذه المنظمة الطلابية لن تصمد أمام تلك الجيوش العاتية والأسلحة الهائلة المدمرة سوى أيام قليلة وإذا بالحرب تطول بين أهوال أسلحة الدمار الشامل وبين أسلحة بسيطة بأيدي طلاب بدو لا حول لهم ولا قوة حتى فوجئنا بتصريحات من أهمها تصريح وزير الدفاع الإنجليزي الذي قال فيه: “إن الحسم العسكري في هذه الحرب شبه مستحيل أو غير ممكن” ويرى أن المفاوضات مع هذه المنظمة الطلابية البدوية هو الحل.

وسمعنا وقرأنا أن أمريكا نصحت عملاءها الذين نصبتهم حكاما لأفغانستان بالالتجاء إلى المملكة السعودية لتتوسط بينهم وبين منظمة طالبان وأعلنوا أنهم مستعدون لتقاسم السلطة معهم غير أن هؤلاء الطلاب أو طالبان رفضوا أي مفاوضة أو مشاركة في الحكم ما دام في البلاد احتلال أجنبي لذلك فهم يطالبون بالجلاء التام لتلك الجيوش الجرارة التي لا تخلو من الشعار الذي رفعه بوش للحرب في العراق وأفغانستان بأنها حرب صليبية ومن المعلوم أن الصوماليين الذين استولوا على جل أرض الصومال باسم المحاكم الإسلامية واجهوا حربا ضروسا من أمريكا بواسطة الجيش الإثيوبي المعزز بالأقمار الصناعية الأمريكية وغيرها وما زال الشعب يعاني ما يعاني …

إن العالم الغربي بما فيه روسيا لن يسمح بحكم أساسه الشريعة الإسلامية، حكم يحرم الزنا والخمور والربا ويمنع الاعتداء على الأعراض والأرواح والعقول والممتلكات وحقوق الإنسان فردا وجماعة، والمنظمة الطلابية الأفغانية مصممة على تطبيق مبادئها وما أظن أن لهذه الحرب الضروس نهاية إلا بهزيمة جيوش الغرب أو بإبادة طالبان.. ومهما يكن من أمر فإن منظمة طلابية بدوية استطاعت أن تصمد في وجه أعتى الجيوش العالمية ففاقت بذلك المنظمات الطلابية الفرنسية التي اهتم بها الإعلام الفرنسي والعالمي أيما اهتمام؛ إن ما يخشاه الغرب والشرق أن يكون هناك قوم يتشبثون بدينهم وقيمهم. والمبادرة الفريدة التي جاءت من الجزائر لقيام نظام ديموقراطي نزيه والتي أجهضها الجيش مما كانت له عواقب مأساوية ما يزال الشعب الجزائري يعاني ما يعاني من آلامها.

ويلاحظ أن هذه المنظمة ذات مسحة بدوية متشددة لا تقيم وزنا للإعلام ولا للخارج، وقد سجلت نقطة إيجابية في بداية أمرها عندما اختطفت صحافية إنجليزية مشهورة وعاملتها أثناء حجزها معاملة كريمة وعرض عليها حارسها الإسلام بعد أن زودها بمصحف القرآن الكريم مترجم إلى اللغة الإنجليزية وربما زودوها بكتب إسلامية أخرى إلا أنها رفضت أن تسلم ما دامت في الأسر فلما أطلقوا سراحها صرحت أنها معجبة بأخلاق هؤلاء القوم الذين عاملوها بكل إحسان وأدب ولم تُمس بأذى. وبعد فترة درست فيها ما يتصل بالإسلام وربما اطلعت على كتب أخرى وهي حرة أعلنت إسلامها فأحدثت ضجة في إنجلترا والعالم الغربي وهُوجِمت من عدة جهات واتُّهمت بأنها مريضة نفسيا لتعلقها بحب من اعتدى عليها،  وهذه شنشنة نعرفها من الغرب فكل من أعلن إسلامه من أعلام الغرب هوجم واتهم في عقله كما سمعنا منذ أشهر وقرأنا عن التصريح الذي أعلنه أحد كبار أحبار الإنجليز بوجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في بعض القضايا كما هو الحال عند الطائفة اليهودية بإنجلترا فإذا به يتعرض لهجوم أرعن  من الصحافة الإنجليزية وبعض شخصياتها.

إن هذه المنظمة الطلابية بنْتُ بيئتها وليست بنْتَ عصرها لذلك ليس لها حظ في الإعلام العالمي ولا الإعلام الإسلامي والعربي مثل الحظ السعيد الذي يحظى به حزب الله في لبنان، ولولا إعلان كابل أنها اتجهت للمملكة السعودية للتوسط بينها وبين طالبان لإنهاء الحرب ولتقاسم السلطة معها، ولولا تصريح وزير الدفاع الإنجليزي باستحالة حسم الخلاف مع طالبان بالحرب لما اهتمت الصحافة العالمية بها ومن ذلك مقال قيم للصحافي الكبير عبد الباري عطوان صاحب جريدة القدس بلندن.

قد طالت هذه الحرب الضروس. والذي تحقق منها هو عجز الجيوش الغربية الجرارة على تحقيق أهدافها مع الفتك بالكثير من المدنيين وهدم ديارهم عليهم وتخريب قراهم مما سبب ويسبب معاناة شديدة لتلك المناطق المنكوبة، ومع ذلك فالإعلام الغربي ومنظمات حقوق الإنسان العالمية غافلة عما يقع لهؤلاء المدنيين المساكين !!

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>