الأزمة المالية العالمية والحل الإسلامي


مما لاشك فيه أن الله جلت قدرته أكرمنا بدين قويم جاء رحمة للعالمين،لينظم مختلف جوانب حياتنا العملية والروحية، ومما لاشك فيه أيضا أن هذا الدين القيم تعرض عبر التاريخ إلى يومنا هذا للعديد من المضايقات والاستهزاءات، ولعل من بين أبرز الخصوم الذين حاولوا الحط من شريعتنا الإسلامية السمحة، التياران الاشتراكي والرأسمالي، لكن قدرة الله جل شأنه أبت إلا أن تهدم صرح الاشتراكية في لمح من البصر، وكأن الاتحاد السوفياتي لم يكن في يوم من الأيام، ويبدو أن الدور آت  لا محالة على انهيار الرأسمالية وكشف مكامن الخلل في جميع معاملاتها المالية التي لا تخلو من غرر وغبن وتدليس واحتكار، وقد هبت هذه الأيام على العالم رياح أزمة مالية عالمية، تهدد بسحب ثقة  العديد من المتعاملين من النظام الرأسمالي، وهو ما يعتبره بعض خبراء الشؤون الاقتصادية فرصة ذهبية لتقديم الاقتصاد الإسلامي كنموذج متكامل لإدارة النظام المالي العالمي، ويعزو خبراء الاقتصاد الإسلامي في هذا الصدد أسباب هاته الأزمة المالية العالمية إلى المعاملات الربوية التي تفشت في معظم المعاملات المالية، ومعلوم أن الإسلام بحكمته المعهودة حرم الربا تحريما مطلقا لا يقبل أي جدال أو نقاش، ويرون بأن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي البعيد عن سعر الفائدة الربوي هو المخرج من هاته الضائقة المالية، وفي هذا الإطار أكد الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بأن الاقتصاد الإسلامي وخاصة المصارف الإسلامية تقدم حلا جذريا للمشكلة المالية لأنها تقوم على الاستثمار الحقيقي في مشروعات عينية تجارية وصناعية وزراعية، تلعب فيها البنوك دور الشريك وليس المقرض، وهو نظام يحمي تماما من التقلبات التي تحدثها التجارة في الديون.

هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن من بين حسنات وإيجابيات النظام الاقتصادي الإسلامي أنه  يمتاز بتدخل الدولة وتحكمها في دواليبه، رصدا لأي خلل أو مشكل طارئ، وليس هناك شيء اسمه حرية مطلقة ، فالكون ليس آلة خلقها الله ثم تركها تدور بدون تدخل كما ترى ذلك المدرسة الغربية، وهذا ما أكده الدكتور أشرف محمد دوابه أستاذ التمويل والاقتصاد المساعد بجامعة الشارقة.

وعلى العموم وبعد استعراض آراء لبعض المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي، والتي تبين قيمة و أهمية هذا النظام في حل الأزمات المالية العالمية، أتوجه بنداء إلى جميع علمائنا الأفذاذ المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي والمنتشرين في مختلف أنحاء العالم، إلى أن يبذلوا الجهد الجهيد من أجل توضيح الحلول الناجعة التي تضمنتها شريعتنا الإسلامية السمحة من أجل إنقاذ البشرية من أزمة مالية عالمية، حتى يعرف الجميع بأن الدين الذي اتهمه البعض بالتطرف و الظلامية والتخلف هو في حقيقته دين تراحم وتسامح وإنقاذ للبشرية من الأزمات، وقد شرعه العلي القدير رحمة للعالمين، ونتمنى من الله أن يصبح النظام الاقتصادي الإسلامي هو المسير للعالم، ونرجع أسياد العالم من جديد لنسترد أمجادنا الغابرة وماضينا المشرق الذي نبغ فيه المسلمون في شتى العلوم والثقافات، فنحن نملك ولله الحمد نظاما اقتصاديا متكاملا، لا مجال فيه للغش ولا للتدليس ولا للاحتكار ولا للربا ولا للمقامرة ولا للغبن ولا للاستغلال، من هنا أتوجه بأعلى صوتي إلى جميع أقطاب النظام الاقتصادي العالمي المتأزم وأقول : أما آن الأوان ليصبح النظام الاقتصادي العالمي مسلما؟

ذ. صلاح الدين دكداك

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>