… بعد مرور أزيد من سبع سنين على حربها ضد ما يسمى بالإرهاب، ها هي ذي أمريكا تخرج من “المولد بلا حمص”، فلا هي قضت على الارهاب ولا هي أعادت الأمن والاستقرار في البلدين اللذين احتلتهما (أفغانستان والعراق)، بل على العكس من ذلك زاد منسوب الإرهاب والرعب وانعدم الأمن والاستقرار وساءت أحوال الناس المعيشية والسياسية والاجتماعية. ومن يقارن أوضاع الناس ومستواهم المعيشي قبل الاحتلال وبعده يرى الفرق واضحا جليا..
خرجت إذن الإدارة الأمريكية من هذه الحرب تلعق جراحاتها : بخزانة مثقلة بأزيد من 850 مليار دولار و عجز مالي قدر ب450 مليون دولار مما كان له انعكاس مباشر على انهيار البورصة بعد انهيار شبه تام لأكبر شركتي التأمين والضمان الاجتماعي في العالم.. والبقية في الطريق.
إضافة إلى هذه الكوارث المالية والتي تؤثر في الشعب الأمريكي أكثر من غيرها هناك خسارة كبيرة من الأرواح والأشخاص فهذه الحرب خلفت أزيد من 4000 قتيل وأضعاف هذا العدد من الجرحى والمعوقين والمنتحرين والمخْتلِّين عقليا في صفوف المارينز، والمارينز هم وحدهم الذين يُحتسبون ضمن الجيش الأمريكي الرسمي وهؤلاء هم فقط من يتم اعتبارهم في الإحصائيات الرسمية. أما الآخرون فلا يتم احتسابهم ضمن لائحة القتلى والضحايا، ومنهم طالبوا الجنسية والمتطوعون والمرتزقة التابعون لشركات أمنية متعددة الجنسية.
هكذا إذن بدت النتائج الكارثية لمغامرات الإدارة الأمريكية بزعامة بوش وفريقة من المحافظين الجدد وثلة ممن تم إقحامهم في أتون هذه الحرب القذرة بعد شراء ذممهم بثمن بخس دراهم معدودة، ومن هؤلاء من قضى نحبه السياسي ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا..
كل هؤلاء دخلوا هذه الحرب القذرة ذات الأهداف والمرامي المشبوهة، دخلوها ضداً على إرادة الشعوب المحبة للسلام، وضداً على المواثيق الدولية، وضدا على مآت المظاهرات والتي ما فتئت تجوب كبرياء العواصم العالمية خاصة في أوروبا وأمريكا.
دخل كل هؤلاء أفغانستان والرغبة تحدوهم لاقتياد زعيم القاعدة حيا أو ميتا “Dead or alive ” بلغة رعاة البقر.
وبدل اقتياد هذا الزعيم، تم اقتياد شعب أفغانستان بأكمله إلى الجحيم والدمار، وبدل القضاء على الطالبات ثم القضاء على الأطفال والنساء والشيوخ، ومعهم تم استئصال قرى بكاملها من على الكرة الأرضية.
أما في العراق التي دخلوها بحجة امتلاك النظام العراقي لأسلحة الدمار الشامل اعتماداً على بحث أكاديمي مغمور لأحد الطلبة المغمورين في إحدى الجامعات البريطانية واعتماداً أيضا على معلومات استخبراتية تقول بأن النظام العراقي اشترى اليورانيوم من نيجريا فثبت فيما بعد أن هذه المعلومة عارية عن الصحة بعدما زار مراقبون دوليون هذا البلد وبدل التراجع عن غزو العراق بعد سقوط الدرائع، أسقط الغزاة الأمريكيون آلاف الضحايا من الأطفال والنساء، وأشعلوها فتناً طائفية وحروباً أهلية لازال ضحاياها يتساقطون يوميا.
وعم الذعر وغاب الأمن والاستقرار في بلاد الرافدين بل وبدأت الفتن تنتقل إلى دول مجاورة ولعل آخرها تلك التفجيرات الأخيرة في سوريا والتي ذهب ضحيتها أزيد من 17 شخصا إضافة إلى عدد كبير من الجرحى..
وبعد، فتلك هي الصورة الجنائزية للدمار والخراب التي خلفته مغامرة الإدارة الأمريكية إرضاء.
1- للوبي الصهيوني المتمثل في المحافظين الجدد والذين لهم مصالح اقتصادية ضخمة تعتمد وترتبط بتدفق البترول.
2- لكبريات الشركات تصنيع الأسلحة وصانعي الدمار في هذا العالم.
فإذا لم تبع وتجرب أسلحتهم في أبناء الشعوب المستضعفة فأين ستجرب ولمن سوف تباع، ولهذا نجد أن أكثر الدول شراء للسلاح هي الدول العربية والإسلامية الفقيرة والتي تنفق أنظمتها بلايين الدولارات من الأسلحة على حساب التنمية الاقتصادية والثقافية لشعوبها.
3- لإطفاء النهم الأمريكي للتزود بالبترول خاصة وأن احتياطاتها من هذه المادة بدأت تشح، وقد قال جورج يوما ب(أن أمريكا مدمنة على البترول) وهذا البترول متوفر بكثرة في المياه الدافئة كما يسمونها وهذه المياه الدافئة والتي حولوها إلى جهنم لا توجد إلا في الدول العربية والإسلامية ومنها العراق ودول الخليج، وإيران ولهذا هم بصدد البحث عن مبرر جديد لغزوها وكسر شوكتها حتى تخلي بينهم وبين بترولها وغازها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا.