قال الله سبحانه وتعالى في الربا: {الذين ياكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}(البقرة 275 – 276).
ويقول الله للمؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مومنين فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}(البقرة 279).
إن ما وقع في أمريكا في آخر أيام حكم بوش وصفه الواصفون بالإعصار المالي وبالكارثة وبالزلازل وبأوصاف أخرى وقد امتدت أمواجه العاتية وعواصفه المدمرة إلى أوربا بل إلى كثير من بلاد المسلمين المرتبطين بأمريكا أو المتعاملين بالنظام الربوي…
ويعزو بعض الخبراء ما وقع إلى تصرفات مشبوهة وإلى تلاعبات وسلوكيات غير أخلاقية وإلى ضعف الرقابة وإلى النظام الرأسمالي المتوحش وتطالب بعض الجهات في أمريكا بوجوب القيام بالتحقيق لتحديد المسؤولية.. والعجب أن بداية حكم بوش ابتدأ بالإرهاب الفظيع في قلب نيويورك وأن نهايته بإرهاب أكبر وأفظع وأضخم وهو الإعصار المالي والاقتصادي والاجتماعي الذي أصاب ملايين الأمريكيين في الصميم ويبدو أن وراء الكارثتين جهة واحدة منزوعة الأخلاق والقيم منحرفة الغرائز متوحشة المطامع، وقد أصاب المسلمين وما يزال يصيبهم من العنت والضيم والمصائب الكثيرُ على يد أمريكا وحلفائها في العراق وأفغانستان وفلسطين والصومال والسودان وقد علق بعض الضعفاء من المسلمين على هذا الإعصار الهائل والزلازل المتلاحقة التي أصابت النظام الربوي في الصميم بأن الله تعالى استجاب دعاء أولئك القتلى والمصابين والمشردين واللاجئين على يد أمريكا وحلفائها وما سيأتي سيكون أعظم وأفظع.
والعجب أن بعض بلاد المسلمين وفي مقدمتها الجزيرة العربية التي انبثق منها نور القرآن وضياء السنة نالها شيء من تلك الزلازل والأعاصير ما عدا البنوك والشركات الإسلامية التي لا تتعامل بالربا فقد نجاها الله بل أعلن بعضها أنها حققت أرباحا مباركة.
والعجب أن من أهم العلاجات التي اضطرت الرأسمالية إلى اتخاذها تخفيضَ نسبة الربا التي وصلت إلى واحد ونصف مما كان له الفضل في إنعاش أسواقها بعد تراجع مهول… وقد أعلن خبراء من إنجلترا أن البنوك الإسلامية ستزداد بنسبة كبيرة في إنجلترا لما لاقته من نجاح ولنجاتها من هذا الإعصار، وقال إن في إنجلترا خمسة بنوك إسلامية وعشرين بنكا بها شبابيك للتعامل بدون ربا.. وقد قررت فرنسا اتباعا لإنجلترا أن تفتح بنوكا تتعامل وفق الشريعة الإسلامية إغراء للمال الإسلامي بالتحول إلى التعامل معها فإن تم ذلك فستكون كارثة بالنسبة للبنوك الربوية العربية ولا سيما التي لها جاليات كبيرة هناك… لقد علق بعضهم بقوله:” وما يدريكم أن تضطر هذه البلاد الإسلامية الربوية للتعامل بغير الربا مع جالياتها بالخارج”( مكرهٌ أخاك لا بطل).
والعجب أن الأنظمة الشيوعية السابقة قد نالها حظها من الإعصار المالي فهي الآن تعاني ما تعاني…
وما أظن أن هذا الإعصار وهذه الزلازل قد تهدأ فلربما تزداد قوة وحدة وشراهة ولسان حالها يقول: هل من مزيد؟.
لأن هذه حرب الله، ولله غيرة على عباده المسلمين وغير المسلمين، والعاقبة للمتقين.