الرسالة السادسة : الخشوع في الصلاة (1)


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ  عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقَالَ: >ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ!<، فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ  فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ  : >وَعَلَيْكَ السَّلَامُ<، ثُمَّ قَالَ: >ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ< حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ.. فَقَالَ الرَّجُلُ:”وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي!” قَالَ: >إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا، فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَإِنَّمَا انْتَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكَ..<(أبو داود).

وفي رواية أخرى :أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ -فَذَكَرَ نَحْوَهُ- قَالَ فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ  : >إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَيَضَعَ الْوُضُوءَ – يَعْنِي مَوَاضِعَهُ – ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ<.

وعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: >إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ تُسْعُهَا ثُمْنُهَا سُبْعُهَا سُدْسُهَا خُمْسُهَا رُبْعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا<.. يعني أنه لا يكتب له من صلاته إلا ما عقل منها لا ماسها عنها، لأن عظم شأن صلاة العبد بإقبال العبد على اللَّه فإذا لم يقبل على صلاته ولها بحديث النفس كان بمنزلة من قد وقف إلى باب ملك معتذرا من خطيئته وزلته، فلما وصل إلى باب الملك قام بين يديه وأقبل عليه الملك فجعل الواقف يلتفت يميناً وشمالا فإن الملك لا يقضي حاجته، وإنما يقبل الملك عليه على قدر عنايته، فكذلك الصلاة إذا قام العبد فيها وسها فيها لا تقبل منه.

وقد قيل إن في الصلاة اثنتي عشر ألف خصلة ثم جمعت هذه الاثنتا عشرة ألفا في اثنتي عشرة خصلة، فمن أراد أن يصلي فلابدّ أن يتعاهد هذه الاثنتي عشرة خصلة لتّتم صلاته، فستة قبل الدخول في الصلاة وستة بعدها:

أما الستة التي قبل الدخول في الصلاة فهي:

* الخصلة الأولى: العلم لأن النبي  قال “عمل قليل في علم خير من عمل كثير في جهل”. والعلم على ثلاثة أوجه:

- أوّلها أن يعرف الفريضة من السنة لأن الصلاة لا تجوز إلا به

- والثاني أن يعرف ما في الوضوء والصلاة من الفريضة والسنة فإن ذلك من تمام الصلاة

- والثالث أن يعرف كيد الشيطان فيأخذ في محاربته بالجهاد.

* الخصلة الثانية: الوضوء لقوله  :”لا صلاة إلا بطهور”.. والوضوء تمامه في ثلاثة أشياء:

- أولها أن تطهر قلبك من الغل والحسد والغش

- الثاني أن تطهر البدن من الذنوب

- الثالث أن تغسل الأعضاء غسلاً سابغاً بغير إسراف في الماء.

* الخصلة الثالثة: اللباس لقوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} يعني البسوا ثيابكم عند كل صلاة. وتمام اللباس بثلاثة أشياء:

- أولها أن يكون أصله من الحلال

- الثاني أن يكون طاهراً من النجاسات

- الثالث أن يكون موافقاً للسنة، ولا يكون لبسه على وجه الفخر والخيلاء.

* الخصلة الرابعة: حفظ الوقت لقوله عز وجل:{إن الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُومِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} يعني فرضاً مؤقتاً. وحفظ الوقت ففي ثلاثة أشياء:

- أولها أن يكون بصرك إلى الشمس والقمر والنجوم تتعاهد به حضور الوقت،

- الثاني أن يكون سمعك إلى الأذان

- الثالث أن يكون قلبك متفكراً متعاهدا للوقت.

* الخصلة الخامسة: استقبال القبلة لقوله عز وجل {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} يعني نحوه.  وتمام استقبال القبلة في ثلاثة أشياء: أولها أن تستقبل القبلة بوجهك، والثاني أن تقبل على اللَّه بقلبك، والثالث أن تكون خاشعاً ذليلاً.

* والخصلة السادسة: النية لقوله :”إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”. وتمام النية في ثلاثة أشياء:

- أولها أن تعلم أي صلاة تصلي

- الثاني أن تعلم أنك تقوم بين يدي اللَّه تعالى وهو يراك فتقوم بالهيبة

- الثالث أن تعلم أنه يعلم ما في قلبك فتفرغ قلبك من أشغال الدنيا.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>