آيبون… تائبون! -48- الحـفـرة…!


فجأة، وجدتني في السجن… أتجرع أفظع جرعة ظلم في حياتي رغم أني بريئة.. كنت حينها أحاول مجرد إقناع نفسي بأني فعلا مجرمة تستحق الإدانة…!

كل الأدلة والقرائن ضدي… والتهمة كبيرة : اختلاس مال المؤسسة المالية التي أعمل بها…!

تخلى عني الأحباب والأصحاب لأواجه مصيبتي لوحدي.. زارني خطيبي أول وآخر مرة في السجن ليسألني : ترى، أين الفلوس؟! بعدها زارت أمه أمي لفسخ الخطبة خوفاً على سمعة ابنها!

كنت أبكي بلا هوادة وأنا أفكر في المدة الطويلة التي سيحكم بها علي، لأن البحث في حيثيات القضية لم يتوقف بعد، والمحاكمة الأخيرة كانت تؤجل مراراً، فتنهار أعصابي أكثر.. كنت أفكر في أمي وإخوتي اليتامى الصغار، وأنا كبراهم ولا معيل لهم سواي.. ونظرات الناس إليهم جميعا.. فتسود الحياة أمامي، ويثقل الهم صدري وكأن أسوار السجن وقضبانه رابضة عليه… أستسلم لقدري وأنظر إلى السماء مرددة : الله كْبير، الله كْبير…!

ليلة الحكم علي، لم يغمض لي جفن.. كان ليلا طويلا ثقيلا… ماذا أقول في المحكمة غير القسم ببراءتي؟! لن أقدر على مجرد النظر إلى وجه أمي.. أخالها ستموت لحظة النطق بالحكم علي…!

لم أصدق بزوغ الصبح… وجاءني الخبر بتأجيل المحاكمة، فانهرت تماماً… لكن كلام سجينة صبرني : >فْكُلْ تَأْخِيرَا خِيرَا<!

وفي المحكمة، لم أصدق الحكم علي بالبراءة.. لكن الله كْبير…!

احتد الصراع بين المختلسين الحقيقيين حول اقتسام الغنيمة، فوشى بعضهم ببعض.. ليقعوا جميعهم في الحفرة التي حفروها بحبكة بالغة لي.. مكروا ولم يعلموا أن الله خير الماكرين..

عدت إلى عملي مرفوعة الرأس ببراءتي وبتعوض مادي لي.. طردت خطيبي حين عاد إلي معتذراً راغبا في إكمال ترتيبات الزفاف، لأن ذلك كان اختباراً له، ولن أعول عليه في الشدة، وصرت أشد حرصاً ويقظة في عملي.. ولا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.!. و”اللي حفر شي حفرة.. كيطيح فيها!<!

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>