د. ادريس الكتاني -نادي الفكر الاسلامي -
لا يخفى عليكم أن العالم الإسلامي يعيش اليوم “عصر الفتن” التي أنذر القرءان الكريم بالأمة الإسلامية بأنها ستواجهها في حياتها ابتلاء وعقابا بسبب انحرافاتها ومظالمها، وبقوله : >تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله، ثم تعمل برهة بسنة رسول الله، ثم تعمل بالرأي، فإذا عملوا بالرأي فقد ضلوا وأضلوا<(رواه أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة).
وقال : >لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قيل يار رسول الله : – أليهود والنصارى – قال : فمن؟<(رواه البخاري ومسلم).
وقـال الله تعالى : {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
وروى أحمد بن حنبل قوله عليه السلام:
” إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة” : أي لأنهم أصبحوا شركاء للخاصة بسكوتهم” شرح البخاري للقسطلاني.
وروى الإمام أحمد بن حنبل قوله أيضا: >ويل للعرب من شر قد اقترب: فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مومنا، ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعَرَضٍ من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر أو قال على الشوك<.
ولا يخفى على أحد أن العالم الإسلامي اليوم يعيش أخطر (فتنة) عرفها في تاريخ حياته تمثل في مختلف الحروب العسكرية والثقافية والدينية والاقتصادية والاجتماعية التي تشن عليه من أمريكا وحلفائها بدءا بإسرائيل، وعلى امتداد العالم العربي الإسلامي شرقا ومغربا.
وحيث إن اللغة العربية هي لغة القرءان، لغة الخطاب الآلهي للبشرية التي وجدت نفسها تعيش فوق هذه الأرض لتعرف ربها وتعبده ولماذا وكيف خلقها في هذا الكوكب؟
إنها لغة القرءان، والقرءان هو ” الحقيقة المطلقة” لهذا الكون، كل الحقيقة عن أسرار هذا الكون والإنسان والموت والحياة.
أعداء القرءان في العالم هم أعداء لغته العالمية الإنسانية الكونية، التي ترعبهم ” الحقيقة المطلقة” أو هم على الأصح لا يدركون كنهها وينكرون وجودها.
إنها اللغة الوحيدة “المحفوظة” التي تستوعب أسرار ءايات الله ومكونات خلقه والتي شرفها الله تعالى بقولـه:
{إنا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون}
{إنا جعلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون}
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
فطوبى لأنصار اللغة العربية، وهنيئا لهم بهذا الشرف العظيم حيثما كانوا في الشرق أو في المغرب، إن انتصارهم للغة العربية إنما هو التعبير الصادق عن إيمانهم (بالحقيقة الكونية المطلقة) التي ضرب الله مثلا لها في قوله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون}.
—
(ü) عرض قدم في ملتقى فيكيك الرابع لخدمــة القرآن والسنــــة المنعقد أيام 10 و11 و12 أبريل 2008م، في موضوع: “اللغـــة العربيـــة والتحديات المعاصرة”.