مكانة المرأة في حياة الأمة وتحديد مصيرها


محمد طاقي

تحكي إحدى الأساطير أن:عملاقاً شاع ذكره في منطقة بجوار عملاق في منطقة ثانية فأراد خطب وده فأرسل إليه هدية لينظر بما يرجع المرسلون. ولكن صاحبنا ظن أن هذا مظهر ضعف واستكانة فتكبر وهدد. فانبرى له الآخر مهددا متوعدا وحمل هراوته وانطلق إلى أرض العملاق المنافس. فلما وصل والأرض ترتج من تحت أقدامه دخل الرعب إلى قلب العملاق الأول فهدّأته زوجته قائلة: لا بأس عليك؟ قال وكيف؟ قالت ليس عليك سوى الاستلقاء في سريرك واترك الباقي لي. ثم إن الزوجة الحكيمة غطته بدثار ثقيل ثم أخرجت قدميه من تحت اللحاف. فلما وصل العملاق الغاضب أوحت إليه أن اسكت فإن الغلام نائم؟ فنظر العملاق الأول إلى القدمين الهائلتين البارزتين من تحت اللحاف وقال أهذا النائم هو ابن العملاق؟ قالت: نعم فأرجو أن لا توقظه؟ فدخل الرعب إلى العملاق الواقف أكثر من المستلقي. ثم أطلق ساقيه للريح وقال: إن كان هذا هو الغلام فكم يكون حجم الأب فلأنجو بنفسي؟

تعبر هذه القصة عن أن المرأة تمتلك ذكاء يزيد عن ذكاء الرجل وهذا ما تؤكده الإحصاءات العلمية الحديثة.بمعنى أوضح ينجم عن هذا أن المرأة سلاح ذو حدين حسب ما تمتلكه من مقومات السلب/الإيجاب إن هي تربت على الفساد/الصلاح.

بسبب هذا الموضوع  دخلت في سجال كلامي مع إحدى الطالبات حول سؤال:هل المرأة عنصر خطير أم لا؟ وهل هي خطيرة بالفعل؟ أعترف أني كنت متطرفا شيئا ما في مواقفي اتجاه هذا الموضوع، خلال هذا النقاش الذي دار بيننا،انسجمت الطالبة باعتبارها امرأة مع طبيعتها الأنثوية  للدفاع عن أخواتها من نفس الجنس، خلاصة ما توصلت له من أخذ ورد انتزعت منها اعترافا ثمينا مفاده أن: ” الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة ” وشهد شاهد من أهلها،نحن هنا  لسنا بصدد انتزاع الاعترافات أو لمن له الغلبة أو نجزم بأن هناك صراعا بين الجنسين مثل الصراع الدائر بين الطبقة البروليتارية والطبقة البرجوازية كما هو في  الفلسفة المادية،أو القول في من هم من الجنسين خِيّر والآخر شرير،إنما الاختلاف كان مرده إلى طبيعة التأثير ومن  له الفطرة في جعل المجتمعات متوازنة، أو له الطفرة في قلب الموازين وخلخلة المسار الإنساني لدى الشعوب والأمم.

كنت دائما أردد أن “صلاح المرأة صلاح للأمة “، لأن المرأة نصف المجتمع وهي التي تربي النصف الآخر(الرجال)، إذن هي المجتمع كله، كما أشار إلى ذلك الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله، وهذا لا يختلف مع قول الشاعر:

الأم مدرسة إن أعددتها

أعددت شعبا طيب الأعراق.

المرأة هي الأم، والزوجة، و الجدة، والبنت، والأخت….لذلك فطن الغرب لأهمية المرأة  عندنا في تخريج الأجيال، ودعى لتحريرها الملغوم وانفتاحها على مجتمع النخاسة لتصبح العملة رقم واحد في كف عفريت، وذلك  بمخططات  تظهر تجلياتها واضحة للعيان من خلال  قصف عقول نسائنا وتفريغها من المحتوى وملئها بأولويات تافهة، أما على مستوى اللباس أصبح  ثمن اللحم الأبيض الحي والطري داخل عملة البورصة العالمية للرواج التجاري في الرقيق الأبيض لا يساوي  سوى معدل صفر دولار أما بالعملة المغربية ولا درهم. ولاشك أن هذا الغزو الذي يؤثر في نسائنا  يمس كافة شرائح المجتمع وبالأخص النصف الآخر من الجنس الذكوري، هذا التأثير تتفاوت حدته حسب عدد النسوة  اللواتي انخرطن ضمن ثقافة التغريب، أكيد أن التأثير قائم حتى في الحالة الطبيعية التي تتساوى فيها عدد النساء مع عدد الرجال في المجتمع. ما بالك  كم  ستكون شدة الوقع عليك  لو سمعت عن التفاوت العددي بين الجنسين كما هو عندنا  نحن في المغرب مقابل كل خمس نساء رجل واحد. فهل يستويان مثلا. يا ترى إلى أي حد قد وصلت فيه فظاعة هذا التأثير عندنا.

هل يعلم الناس أن المرأة تعتبر أحد المحددات  السرمدية؟ ليس كما قد يتبادر للذهن أن المرأة هي محدد مهم في مصير العالم. كما كان معروفا في بعض الخلافات الفارطة أن زوج الخليفة هي الرأس المدبر من وراء الحجب والأستار وتحدد بذلك  مصير الخلافة على غفلة من السلطان فوق سرير مكسو بأطيب الورود وأطيب المسك…أو كما يروى أن نابليون كان الكل يركع ويسجد له وفي المساء يجثم على ركبتيه يقبل قدمي زوجته. لست هنا بصدد النقاش على هذا المستوى الأرضي إنما أتجاوز هذا بما هو غيبي إما سرمد نيران أم سرمد جنان، من الديوث الذي لا يشم رائحة الجنة، أو رب البيت الذي أنجب وربى وأحسن التربية كما جاء في الحديث قول النبي الأمين: (من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة) رواه الترمذي وأبو داود.

المرأة تصنع الحياة وتصنع الموت، المرأة تصون الحياة و تنتج الخراب. لا أستغرب حتى وإن بالغت أنالحروب محددها النساء، كما صرح أحد الجنرالات الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية بأن ألمانيا هزمتنا بنسائها قبل أن تهزمنا بجيوشها. ولا تخفى على العالمين الهزيمة المصنوعة في حرب 67 التي أفشى فيها قيادات الجيوش العربية للغواني مخططات الحرب، بعدها دكت مطارات مصر دكا دكا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان. وقد صدق نابليون حينما قال: كأس وغانية تفعل بجيوش محمد ما لا تفعله جيوش غازية.

إن المرأة الجاهلة الفارغة الفاسدة نصف مصيبة وعدم الانتباه لها كل المصيبة، وقد قرأت في إحدى الجداريات بيتا عجيبا:

إن أنت علمت ولدا كأنما علمت فردا

وإن أنت علمت بنتا قد علمت قوما.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>