خديجة وسعدان - طاطا -
يشهد التاريخ لأمتنا الإسلامية بالعزة والازدهار حينما عاش أبناؤها في ظل الكتاب والسنة فكانت خير أمة أخرجت للناس والله يشهد لها بذلك قال تعالى : {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}(آل عمران : 110) فعلاً كانت كذلك لما تمسكت بحبل الله المتين وابتغت العزة برضى الله، والنتيجة أمة قوية ومتينة لا تخشى في الله لومة لائم فكان يحسب لها ألف حساب، نعم هكذا كانت عزيزة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ابتغينا العزة في غير دين الله أذلنا الله وأعمى بصيرتنا فلا عزة لمسلم إلا في دينه، فأصبحنا متخلفين بعد ما كنا متقدمين فلا نرى اليوم ولا نسمع إلا ما يصنعه الغرب، أباح الربا والرشوة في تعاملاتهم البنكية وغيرها فأبحناها وبكل اعتزاز وافتخار، وتعاطوا للمخدرات والخمور وكذلك فعلنا وعلمنا أبناءنا كيف ومتى يشربونها، وأباحوا الزنا والتجارة في الأجساد، فأبحناها وفتحنا أماكن خاصة بها. ولو دخلوا جحر ضب لدخلناه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله وصدق الله إذ قال {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}(الروم : 40) فما نراه اليوم من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل وإنتهاك الأعراض، والفساد الكبير الذي انتشر بين الناس لتعدد المظاهر والإغراءات الفاسدة حتى أصبحنا لا نفرق بين ظالم ومظلوم، فهذا كله من صنع أيدينا لما تركنا الحق وتسابقنا لتقليد الغرب والديمقراطية المزيفة، فهذا ما حصدناه من تقليدنا الأعمى. فما تعيشيه الأمة الإسلامية اليوم من الفتن والابتلاءات أخبرنا عنها صلى الله عليه وسلم وحذرنا منها كما أخبرنا وعلمنا كيف نخرج منها قائلا : >ألا إنها ستكون فتنة!! قيل : ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قسمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا : {إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرّشد} من قال به صدق و من حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم))(رواه الترمذي).
فإلى متى يا أمة القرآن والإيمان سنبقى على هذا الحال متخلفين وننتظر من غيرنا أن يبتكر ويبدع ويصنع وكذلك ينتج، ونحن مع كل أسى وأسف ما علينا إلا الاستهلاك فقط لا غير؟! إلى متى سنظل عالة على أوربا وغيرها؟ متى سنعود لأصلنا فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى الصراط المستقيم لنخرج من هذه الفتن والابتلاءات التي غصنا فيها لإهتمامنا الزائد بالإغراءات والمظاهر التي أغرتنا حتى أغرقتنا، فيمد صلى الله عليه وسلم يدهالشريفة ليخرج أمته بكتاب الله من ظلمات الفتن والجهل إلى نور العلم والعمل لنرتقي بأمتنا ونعيد لها عزتها ومجدها الزاهر، ولكن كما يريدنا الله ورسوله أمة قوية تبتكر وتبدع وتصنع لتصعد وترتقي في كل المجالات، ويكره كذلك أن يرانا جبناء كسلاء وعبأ كبيراً وثقيلاً على من كفر بكتابه، فعيب وعار علينا أن يرانا الله كما لا يحب، فهذا يدمي القلب ويحزن النفس ويدمع العين، وبالتالي يجب أن نكون كما يريدنا أقوياء بكتابه. فشبابنا ولله الحمد أبطال بداخلهم طاقة كبيرة وأفكار تبهر العقل وتبهج النفس، فو الذي بعث محمداً بالحق لو استثمرنا تلك الطاقة وفق الكتاب والسنة لأصبحنا في ظرف وجيز أفضل وأعظم أمة على وجه الأرض تتفوق في كل الميادين، نعم فهذا ليس حلما ولا كلاماً فارغاً بل واقع، والله لو أردناه لعشناه، فليس هذا بصعب ولا مستحيل فمن كان مع الله كان الله معه فلا يصعب عليه شيء بإذن الله الذي يقول للشيء كن فيكون فما ينقصنا الآن هو العودة إلى كتاب الله فبه يصبح شبابنا أبطالاً ذوي عزيمة وإرادة متينة لا يزعزعها كلام الجاحدين، فبهذا نصبح كما يحبنا الله رسوله عليه الصلاة والسلام عزيزين بكتابه ونكون فعلاً كما قال خير أمة أخرجت للناس.