تكاثرت المصائب على المغرب من تدني مستوى التعليم، إلى الهجوم التنصيري، إلى توالي خلايا الإرهاب، إلى هجرة الأدمغة، إلى انتشار البطالة ولا سيما بين أصحاب الشواهد والكفاءات، إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، إلى الهجرة من البادية إلى المدينة، إلى انتشار الدعارة، إلى غير ذلك مما يُكتب ويُنشر وتُعقد له الندوات..
ومن أخطر هذه الظواهر انتشارُ العزوبة والعنوسة وحرمان شباب وشابات من فرص الزواج وتكوين أسرة تسهم في بناء وطنهم، وهذه الظاهرة شملت المستويات البسيطة والمستويات العالية، وأسبابها كثيرة ومتنوعة لعل من أهمها بالنسبة للمستويات البسيطة والمتخرجين الجامعيين البطالة وغلاء المعيشة، وهناك من يغامر من هؤلاء وأولئك فيخاطر فيتزوج وبعد ذلك يبذل جهودا مضنية للعثور على عمل في الداخل أو الخارج، وهذا الصنف من المغامرين يعانون كثيرا وقد يوفق الله بعضهم لحل مشكلته مؤقتا أو بشكل نهائي.. ومن هؤلاء من تطول خطوبته إلى أن يجد ما يكوّن به بيتا، فإن لم يجد فقد تفسَخ الخطوبة أو يقع الطلاق.
ومن أسباب ذلك أيضا:
- طموح بعض الفتيات لمتابعة دراستهن العليا مما يضطرهن إلى مجاوزة سن الزواج بالنسبة للشباب فلا تبقى إلا فرص قليلة أمامهن لذلك.
- عدم التواصل والتعارف: لقد قلّ في هذا العصر التعارف والتواصل بين الأسر، فقد تتساكن أسر في حي واحد بل زنقة واحدة وفي عمارة واحدة فلا تنشأ بينهم روابط أو تعارف، بل ربما لا يسلم بعضهم على بعض عند الالتقاء.
- التخوف من سوء النتائج لانتشار مسلسلات تبرز آفات أسرة المرأة أو أسرة الرجل أو كليهما على العلاقات الزوجية ولارتفاع نسبة الطلاق والمشاكل الأسرية في المغرب مما يبث الشكوك في هذا الطرف أو ذاك.
- قلة الصبر من هذا الطرف أو من ذاك عند وقوع سوء تفاهم أو اختلاف في وجهات النظر أو نحو ذلك، فيقع الإقدام على قطع هذه العلاقة الأولية، وهناك أسباب أخرى لا مجال لذكرها في هذه العُجالة.
فهل هناك من علاج لهذه الظاهرة ؟
أظن أن من أهم العلاجات:
- تشغيل الشباب والشابات وتسهيل تكوين الأسرة بالقرض الحسن لشراء المسكن وللتأثيث.
- توعية الشباب والشابات بأهمية تكوين الأسرة للإقدام على الزواج.
- تكوين جمعيات مدنية أساسها الدين لربط العلاقات بين الأسر المتناسبة وللبحث عن الزوج لفتاة أو زوجة لفتى، وتعمل هذه الجمعيات لربط العلاقات مع الشباب المغربي بالخارج والعمل على إيجاد زوجة صالحة لمن يطلب الزواج منهن.
- إحداث صناديق للتشجيع على الزواج بالنسبة للأسر الفقيرة ولا سيما بالبادية، وأهم مصادر تمويلها الزكاة، ويمكن إنشاء أوقاف منظمة لذلك.
- وهناك علاج صعب ولكنه ممكن وهو التعدد إن كان هناك مسوغ له كمرض الزوجة الأولى مرضا مزمنا أو عدم إمكانيتها للإنجاب شرط أنتتحقق العدالة المطلوبة في القرآن والسنة، وإلا فإننا سنقع في محظور أو في مشكل آخر وهذا الأمر العلاجي يحتاج إلى دراسة وافية واحتياطات واقية.
- وعلى الدولة أن تفكر في إنشاء جهاز خاص للتزويج وذلك بإدخال هذا العنصر في مشروع التنمية البشرية فربما يكون تكوين عدة أسر أهم وأولى من إنشاء نافورة ماء.
- إصلاح التعليم إصلاحا جذريا يجعله متجاوبا مع التنمية للقضاء على بطالة المتخرجين، ومن هذا الإصلاح تأهيل المتخرجين وفيهم نوابغ.
- ومن المشاهد أن هناك خصاصا كبيرا في بعض المهن وبعض الصناعات التقليدية كما أن هناك طلبا من الخارج لأصحاب بعض تلك المهن ولبعض التخصصات مثل الطب والتمريض، كما أن دول الخليج تفضل الأستاذ الجامعي المغربي في عدة تخصصات، الأدبية والعلمية.
إن اهتمام الدولة بالقضاء على دور القصدير يجب أن يمتد إلى القضاء على ظاهرة العنوسة والعزوبة ضمن التنمية البشرية، فالظاهرة لا تزداد إلا استفحالا، وربما تبلغ أرقاما مهولة تنذر بخطر اجتماعي وأخلاقي ونفسي كبير، فإن دولتنا ليست عاجزة عن إيجاد الحلول المناسبة فقد عالجت مشاكل متعددة لا سيما وهي دولة عريقة، فالمهم أن تريد حلّ المشكل وتتجاوز حالة العجز التي ليست من طبيعتها.
ومن أهم حقوق المرأة علينا أن نضمن لها زوجا وبيتا وأسرة وننقذها من حياة العزوبة والعنوسة وغربة الحياة، فهل من سامع يستجيب لهذا النداء قبل فوات الأوان لا سيما ونحن من أمة تقدس الأسرة والروابط الزوجية.