الزكاة ركن عظيم من أركان الإسلام.
ولقد تكررت الأوامر بها في كتاب الله عز وجل، وكذا في سنة رسول الله قال تعالى : {وأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} (البقرة : 43).
وقال رسول الله : «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا»؟!.
وفي الصحيحين من حديث لأبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا أتى النبي فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال : «تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان « . قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا. فلما ولى، قال النبي : «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا».
ولقد قاتل عليها أبو بكر رضي الله عنه المرتدين. ففي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : لما توفي رسول الله ، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب. فقال عمر رضي الله عنه : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» فقال : «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه : فو الله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق «.
و الزكاة طُهْرَة للأموال والقلوب والأنفس، فلقد قال الله تبارك وتعالى : {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}(التوبة : 103).
وهي بركة في الأموال ونماء لها خلافا لما قد يتوهمه متوهم، أو يظن ظان. فلقد قال تعالى :{وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}( سبأ : 39).
وقال تعالى : {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فألئك هم المضعفون} (الروم : 39).
ولقد قال تعالى في الحديث القدسي : «ابن آدم، أنفق،أنفق عليك».
فرحمة الله تكتب لمن يؤدي الزكاة، قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآيتنا يؤمنون}.
والفلاح يصاحب من أدى الزكاة، قال تعالى : قد أفلح المؤمنون. الذين في صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون. والذين هم للزكاة فاعلون. (المؤمنون :1- 4).
أيها الأخوة : إن النار تتقى ولو بشق تمرة، قال رسول الله : «اتقوا النار، ولو بشق تمرة».
ولقد قال تعالى : {وسيجنبها الأتقى. الذي يؤتى ماله يتزكى} ( الليل : 17- 18).
إن الزكاة -بارك الله فيكم- نوع من أنواع التكافل والمواساة بين أهل الإسلام.
إنها تجلب التواد والتراحم وتقوي أواصر الإخاء والمحبة.إنها حق يجب أن يؤدى لأهله.
قال تعالى : {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم}(المعارج : 24- 25).
كما توالت نصوص الوعيد لمن منع الزكاة، وأي وعيد؟ إنه وعيد تقشعر منه الأبدان، وترجف له القلوب !ويكاد الفؤاد منه أن يتصدع!!
قال تعالى : {يأيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)(التوبة : 34- 35).
وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال النبي «تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها، تطؤه بأخفافها. وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها. وقال : ومن حقها أن تُحْلَب على الماء قال : ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يُعارٌ فيقول : يا محمد فأقول : لا أملك لك شيئا، قد بلغت و لا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول يا محمد، فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت».
وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثِّـل له ماله شجاعًا أقرع له زبيبتان يطوِّقه يوم القيامة يأخذ بلِهْزَمَتَيْه -يعني بشدقيه- يقول : أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية : {ولا يحسبن الذين يبخلون}(آل عمران : 180).
وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : «ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فيكوى بها جنباه وجبينُه، حتى يحكم بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يُرى سَبِيلَه إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بُطح لها بقاعٍ قرقرٍ، كأوفر ما كانت تستن عليه كلَّما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها، إلا بُـطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها، ليس فيها عقصاءُ ولا جلحاءُ، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار».