الإرهاب نوعان إرهاب بسيط وإرهاب مركب، أما البسيط هو أنك تمارس الإرهاب وتعرف أنك تمارسه. وأما المركب هو أنك تمارس الإرهاب ولا تعلم أنك تمارسه، وهذا النوع الثاني هو الذي ابتلينا به في الآونة الأخيرة في بلادنا. فقد أصبح فريق من الحداثيين جداً لا يألون جهداً في ترصد وتتع كل ما يقال أو يكتب عن الأخلاق والدعوة إلى الرجوع إلى التشبث كلما لاحت في الأفق آفة من الآفات الأخلاقية الخطيرة في بلادنا وليس آخرها قضية زواج الشواذ في مدينة القصر الكبير…
فما أن قام الشرفاء في هذه الأمة للرد على هذه الانحرافات بطريقة تلقائية عبر منابرهم وفي منتدياتهم قام الحداثيون فأقاموا الأرض ولم يُقعدوها بعد، وهم الآن بصدد جمع توقيعات حتى رجال الصحافة والمفكرون والاعلاميين على أما أسموه “نداءاً للدفاع عن الحريات الفردية” وقد جمعت بعض التوقيعات إياها عن طريق الهاتف مما حدا بأصحابها إلى إصدار بيانات في الصحافة لتوضيح مواقفهم ووصف حيثيات توقيعاتهم.. أما من رفض التوقيع فله الويل والثبور وعاقبة الأمور كما حدث لرئيس التحرير بإحدى المجلات الحداثية جداً إذ طرد من منصبه دون سابق إنذار لمجرد أنه رفض التوقيع على النداء، وبالمناسبة فالمجلة يديرها حداثي معروف وهو صاحب النداء!!
… لقد أصبح الحديث عن الأخلاق هذه الأيام حديثا يجر على صاحبه أو أصحابه العديد من المتاعب والانتقادات والاستهزاء ليس أقلها الاتهام بالظلامية والرجعية والفاشية وغيرها من النعوت والمصطلحات التي كنا نظن أنها سقطت واندثرت مع سقوط جدار برلين وانهيار الشيوعية إلى غير رجعة، فاكتشفنا أن الإخوة الحداثيين يعيدون استعمالها بشغف كبير بعدما كفروا بمبادئهم القديمة وولوا وجوهم قبل البيت الأبيض وصاروا من أكثر عرّابي الفكر والتصور الأمريكي الصهيوني والفلسفة الليبرالية والتي كانوا -فيما مضى- يقولون فيهما أكثر مما قاله مالك في الخمر.. فسبحان مبدل الأحوال…
إلى هؤلاء الإرهابيين الجدد، أسوق هذا الخبر الذي أوردته مجلة LصOpinion الفرنسية ومفاده أن المحكمة الفرنسية فرضت غرامة مالية قدرها 5000 أورو على جريدة “Le Parisian” كتعويض عن ضرر لصالح الجمعية الوطنية للوقاية من إدمان الكحول على إثر نشرها سنة 2005 لإشهار تعدد من خلاله مزايا وحسنات نوع من “الشمبانيا” الرفيعة، فتصوروا أيها السادة لو أن إحدى جمعيات حماية المستهلك عندنا تجرأت -لا قدر الله- على رفع دعوة قضائية ضد كل هذه المجلات الحداثية والمطويات التجارية التي تشهر أنواعا عديدة من الخمور بألوان زاهية وأثمنة مغرية غير آبهة بمشاعر الناس، فلو وقع هذا لا سامح الله لكانت هذه الجمعية المشاغبة في وضع لا تحسد عليه ولانهالت عليها الشتائم والانتقادات والاستهزاءات من كل حدب وصوب ولفتحت نداءات لجمع توقيعات الحداثيين غيرة منهم على الحريات الفردية للناس وحمايتهامن تلصص الظلاميين ومضايقتهم.
…إن الحداثيين عندنا أصبحوا أكثر حداثة من مبدعي الحداثة أنفسهم.. ولا غرو في ذلك فالحداثة أصبحت عند أصحابها هذه الأيام تؤخذ على شكل حبات الهلوسة أو القرقوبي فكلما أخذوا منها حبة كلما ازدادوا نهما لأخذ المزيد وكلما طلبوا المزيد كلما ارتفعت الأسعار والشروط من قبل الأسياد طبعا، والمتتبع لإنتاجات الحداثيين الصحافية يلاحظ بجلاء هذا الارتفاع و”الارتقاء” في الجسارة على قيم الأمة وأخلاق أبنائها، وهو ما أصبح يُنذر فعلا باختلال فظيع في منظومة القيم في بلدنا الحبيب وسائر بلاد المسلمين وإن بدرجات متفاوتة.
فحتى الغربيين وخاصة الأمريكيين أنفسهم بدأ العقلاء منهم يدعون جماهيرهم إلى ضرورة العودة إلى الأخلاق والفضيلة بعدما أصبحوا يعانون من ويلات وكوارث يومية بسبب الانحدار الرهيب والمسخ الفظيع على مستوى منظومتهم الأخلاقية والاجتماعية.
فبدأت العودة في كثير من المدارس إلى نظام التفرقة بين الذكور والإناث بعدما لاحظوا تفشي نسبة الحمل المبكر للتلميذات والطالبات.
كما بدأت تظهر جماعات دينية جديدة تدعوا إلى العودة إلى التعاليم المسيحية القديمة ولعل من أبرز هذه الجماعات جماعة الكويكرز والتي يقدر أتباعها بالآلاف ويعيشون في ضيعاتهم ويأكلون من كد أيديهم ولا يستعملون الأدوات العصرية ولا المواصلات ونساؤهم يرتدين الزي الطويل المحتشم ومعظم رجالاتهم ملتحون ويلبسون ملابس تقليدية.
ومع ذلك لم يتهمهم أحد بالظلامية والرجعية بل يحظون باحترام وتقدير الجميع.
وفي حملته الإنتخابية للرئاسة الأمريكية يرفع المرشح “باراك أوباما” شعار العودة إلى الأخلاق ويعاهد الأمريكين أنه سيدفع بهذا الاتجاه إن هم أعطوه ثقتهم ومع ذلك لم يتهمه أحد بالوصاية على أخلاق الناس ولم تفتح ضده نداءات لجمع التوقيعات خوفا على الحريات الفردية للناس..
الخاتمية : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت.
أركان الحداثة
سُبّ ذات الإلاه
استهزئ بالدين
استهزئ بالنبي الأمين
أضف شيطنة
أضف استخفافا
بالقيم
وأخلاق المؤمنين
أشع الفاحشة
وشجع المخنثين
وافتح لأجل ذلك نداءاً
لتوقيع المساندين
عبر الهاتف أو حتى تحت الأنين
تكن وقتئذ قد تخَلّقت
بعد التحقيق
بالأركان السبعة للحداثيين