الهم الجسدي في الأدب النسائي الحداثي (2)


نمطية الحياة وانعكاسها على حياة الأديبات (النسوانيات)

1- تداعيات وتأثير نمط الحياة الخاصة :

إذ يبدو و كأن مؤثرات ما نابعة من الوضعية الأسرية و العائلية للأديبات تتداخل

و توجه مسار الإبداع المنتج من لدنهن…و ذلك من قبيل:

 أ ـ الحرمان من حياة زوجية مستقرة مشبعة :

و الذي قد يكون تأتى من أسباب شتى منها:

< استمرار العزوبة :

ـ للعزوف صدر منهن عمدا عن الزواج في زمن ما…و ذلك تبعا للقناعات الإيديولوجية التقدمية و الاشتراكية كانت سائدة في الزمن الماضي، أو تلك الحداثية المنتشرة الآن بعد انهيار محراب المعسكر الشرقي، و ذلك انطلاقا من الحمولة الثقافية المواكبة للزواج كمكبل مقيد للمرأة في تلك الإيديولوجيات.

ـ أو للعنوسة الطارئة عليهن لأسباب اجتمـاعية أو ثقافية أو حتى شكلية مظهرية ما…

< فقدان الزوج :

سواء :

ـ بالطلاق نظرا لعدم التوفق في الاستمرار في المؤسسة الزوجية.

ـ أو بوفاته ذلك الزوج.

ب ـ الرتابة و الملل في الحياة الزوجية :

هذه المظاهر التي تتسلل قد تدريجيا إلى الحياة الخاصة لأولئك المبدعات، التي تتحول بفعل الزمن إلى تباعد و تنافر بين الشريكين، و بالتالي إلى منجم للكآبة و التشاؤم، و تنحو بهن إلى تصوير الحلم بتحرير العلاقات الجسدية كحق مشروع للتخلص من أغلال الحرمان حتى دونما اعتبار للأخلاق…

ج ـ انعدام القناعات الدينية:

خاصة تلك التي تدعو إلى اعتبار الحياة الزوجية مؤسسة عبادية تتمحور حول إثبات القدرة على التعايش مع الشريك، و تنبني على الصبر و التحمل و تفهم ذلك الآخر و قبول هناته و ضعفه، كما تعتمد على الاستمتاع بمحاسن ذلك الآخر و بخصاله الطيبة، إذ هي تمظهرات الحياة كلها العبادة… و العبادة تمكن من الأجر، والأجر لا يكون إلا على قدر تجاهل المشقة و تخطي الصعاب.

د ـ انعدام القيم و المبادئ الدينية الضابطة للاستقامة الأسرية:

أي تلك المانعة من الانحراف الخلقي للأزواج، تلك الصادة لهم عن الخروج من أجل اصطياد المتعة الحرام التي تلهي و تمنع من الإحصان و الإعفاف المتبادل بين الزوجين.

فعدم الابتعاد عن المسكرات، و عدم تفادي الفضاءات المفتوحة المختلطة الماجنة، تساهم في التفلت و الانحلال الأسري، ذلك الذي يمارس باسم التحرر و التمدن المعتقد ضرورة تواجده ضمن مبادئ التقدمية و الفكر الحداثي “المتحضر”و الغير رجعي، و المتبع من طرف أولائك المنخرطين في سلك “الثقافة” و “التمدن”و العصرنة”.

هـ ـ اقتران نسبة من الأديبات النسوانيات بمن ينتمون لنفس الفئة من الأدباء أو ال”الفنانين” و المبدعين:

الذين يرون في التحلل الأخلاقي و عدم اعتبار الأخلاق في التعبير الأدبي كما في الحياة الشخصية أسس و أعمدة ضرورية مكونة الصورة النمطية للكاتب أو المبدع الموهوب، ذلك الذي تُراد و تُتطلب منه ـ كما يعتقد هو و أمثاله في التوجه الفكري ـ بوهيمية و خروج عن المألوف و عن العادي، و ثورة على كل الالتزامات الاجتماعية حتى يستكمل شروط الانتماء إلى شريحة المتميزين.

هي صفات و سلوكيات معينة خاصة إذا تتبدى و تظهر من هذه الفئة من الأزواج… و تجد فيها حتما كل زوجة بغض النظر عن كونها أديبة مثقفة ـ ما يكفي من العوامل من أجل إعانتها على عدم استمراء العيش في بيت الزوجية، و ذلك لأنانية و فردانية تطبع هذا النمط من الأزواج يصعب التواجد معهم في فضاء واحد، بله الحصول على التواصل الشعوري و الإشباع العاطفي و من ثم الجسدي.

و ـ التشبع بمؤثرات عالم الخيال الجامح:

و كذلك قلة الجهد المبذول من طرف أولائك المبدعات من أجل المزاوجة المنطقية العقلانية داخل دواليب الفكر لديهن بين اللاواقعية في عالم الأحلام الأدبي المفعم بالحب والوله والغرام، وبين عالم الواقع المعاش الذي يتواتر فيه اليسر مع العثرات.

ز ـ التيه والتحليق في العوالم المتعالية الوهمية السردية والشعرية:

ذلك الذي يوحي بالازدراء لذلك الشريك المتشبث بالأرض، الغير المبحلق في فضاءات الخيال، و ذلك بالنسبة للمقترنات بغير المنتمين لشريحة المثقفين من المبدعات.

دة. صالحة رحوتي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>