أين تذهب جاراتي؟!
اخترن طريقاً بعيداً عني،.. لأني أقطن مدخل الحومة، أرقب الداخل إليها والخارج منها… إنهن يتحاشين لقائي اتقاء لشري… ومن منهن لم أكنس بها الأرض… ولم أسلقها بلساني.. وقد صيرت بناتي -مثلي- متسلطات، وقحات، غليظات القلوب.؟!
لن أرتاح إلا بعد أن أعرف إلى أين تذهب جاراتي في هذا الحر؟!
اقتفيت أثرهن.. دلفت خلفهن، أتصفد عرقا… توضأت.. تبادلن النظرات حين رمقنني وابتعدن عني… لن أجرؤ على إيذائهن في هذا المكان!
من يعتبرن أنفسهن؟! لست أقل منهن! واظبت على حضور صلاة الجمعة في هذا المسجد رغم بعده، لا لشيء، إلا لتقليدهن..
ولكن سرعان ما أنتابتني هزات متتالية والإمام يخطب… كانت خطبه بسيطة يفهمها الجميع، لكنها كانت عميقة، تستقر بداخلي، وكأنها غيث يطهر نفسي من أدرانها… تعلقت بالمسجد وبخطب ومواعظ ذلك الإمام، رغم أن نفسي صارت لوامة تؤرقني، تقلب كل صفحات الظلم لجاراتي.. وأحيانا يراودني التساؤل : أأضعف تماماً وقد اشتهرت في الحي بقوتي؟! لكنني أتراجع نادمة، فلا قوة إلا بالله القوي الجبار المنتقم… أستغفره وأتوب إليه!
وذات خطبة جمعة، قررت.. وكانت البداية، أن أخرج من المسجد وقد ولدت مرة أخرى، بعد مخاض عسير بداخلي، وأقسمت على أن أصير شخصية مناقضة تماماً لشخصيتي الأولى!
تقربت من جاراتي، فانفضضن من حولي، ظناً منهن أني أكيد لهن مكيدة كعادتي، حاولت ذلك مرارا.. اعتذرت لهن، ولكن مترددات عن الإقبال علي… اجتهدت في الإحسان إليهن، بعد أن كنت أجتهد في الإساءة إليهن مزهوة بجبروتي.. ولم يعد شغلي الشاغل إلا منافستهن في التقرب إلى الله عز وجل، والتعاون على البر والتقوى، والتلهف على مجالس العلم والذكر، ومجاهدة نفسي…!
كنت أحصد الشوك وأتجرع العلقم، لأني كنت أزرعهما.. كنت بين مطرقة نفسي وسندان الشيطان، وقد تمكن مني الأرق و القلق لأجتهد في إبداع كل طرق الإداية والتنكيل بجاراتي..!
بعد توبتي، زرعت حبا وإحسانا، وهأناذي لا أحصد إلا حبا وإحسانا من الناس، والأهم طمأنينة نفسي وراحة بالي… أنام قريرة العين، بعد لحيْظة محاسبة للنفس، واستعداد لغد حافل بما يرضي الله عز وجل…!
لكنني لن أدع التنافس معهن أبداً والتسابق على مرضاة الله عز وجل…!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثير انتباهكم إلى خطإ ورد في العنوان؛ حيث تم إقحام عنوان” توسمات جارحة”، وهي حلقات كتبتها أستاذتي الفاضلة الدكتورة سعاد النصر( أم سلمى)…
أرجو تصحيح الخطأ…
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته