بارقة – العطلة الصيفية من صميم الحياة فلا تضيعوها


الأمة الحية الواعية لا يوجد في قاموسها العطلة بمعنى الفراغ وإضاعة الوقت والمال والإخلاد إلى الكسل والعبث وإنما عطلتها تعني : تجديد النشاط وإغناء الثقافة والمعرفة والقيام بخدمات اجتماعية في الداخل والخارج واستدراك ما فات خلال السنة في التحصيل العلمي والإعداد الشامل للسنة المقبلة والتدريبات المطلوبة بالجامعات والمدارس وتقوية الأجسام عن طريق أنواع من الرياضات والقيام برحلات ثقافية ورياضية داخل البلد وخارجه إلى غير ذلك مما يضيف لمجتمعهم قوة جديدة تصب في الجهود المبذولة لتقويته وتنميته وصيانته من عوامل التدهور والنكوص.

إن عطلة الصيف فرصة للاستجمام وللالتفات إلى الأولاد وإعطائهم وقتا أكثر للقرب منهم وتوثيق الصلة بهم واستكشاف زوايا نفسية ربما لم يكن عندهم الوقت لمعرفتها.

ولكنها مع الأسف الشديد ليست كذلك بالنسبة للعديد من الناس الذين لا يزاولون أعمالاً شاقة أو مضنية ولهم فراغ يومي أو أسبوعي يستريحون فيه فهؤلاء صنف هام لتقدم الأمة أو تأخرها بحب تصرفهم في عطلتهم الشهرية أو ذات الشهرين..

وكم نود أن يتسع نشاط الجمعيات ذات الأهداف الاجتماعية المتحضرة، وأن تتنوع في نشاطها وتجعل ذلك من أهم رسالاتها، ويُؤسف كثيراً أن يتجاهل كثير من الآباء قيمة هذه العطلة بالنسبة لهم وبالنسبة لأولادهم بدرجة أكبر، وأحسن هؤلاء من يتكل على الآخرين أن ينوبوا عنه في استثمار عطل أبنائهم دون أن يبذل أي جهد مادي أو معنوي ويسهم بما يمكن في توسيع هذه الشبكة الاجتماعية الهامة التي تمد المجتمع بما تقوم به من تكوين وإعداد خلال المخيمات والرحلات والتجمعات والأنشطة الأخرى المختلفة بموارد بشرية متجددة ونشيطة ومستعدة لاتقان البناء وتشديد الحركة وتنمية العلاقات للشبكة الاجتماعية التي تتغذى بالسلوك الثقافي الجديد لهؤلاءالأطفال والشباب.

والعطلة الصيفية فرصة ثمينة لتربية الطفولة والشباب في الأحياء والبوادي والمصايف ولاسيما بالنسبة للطبقات الفقيرة التي لا تغادر في الغالب بيوتها في العطل ولو وصلت درجة الحرارة ما وصلت، هذه الطبقة إن لم تجد نشاطا جمعويا يحتويها ويشملها برعايته واهتمامه وعطفه فلا يُؤمن أن ينحرف بعضها أو يصبح عنصر شغب وفوضى في الحي.

ومن أهم الأنشطة : الرياضة الممكنة، وتحفيظ القرآن الكريم والتجويد والتكوين في مجال بعض الفنون التطبيقية..

ورحم الله شيخنا أبا عمر الداعوق رائد عباد الرحمان بلبنان الذي كان لجماعته نشاط كبير في الصيف في القرى والجبال والشواطئ وكان هناك تعاون بين الجماعة والآباء.. وقد رأيت كيف كان الأطفال والشباب ينتظرون بتلهف حلول العطل للمشاركة في أنشطة الجماعة التي أنتجت، رغم بعض التعثرات انتاجات طيبة داخل لبنان وخارجها، وقد أشرت سابقا  إلى أن أحد قادة قسم الأطفال وقسم الشباب الدكتور أحمد حسين صقر يقوم برسالة ناجحة في التعريف بالاسلام في أمريكا وقد أعانه على نجاحه ذاك حكمته وجميل خلقه وزهده وصبره وتسامحه وأسلوب حديثه وخفض صوته وتجربته الطويلة في هذا الدين.. إنه خريج تلك المخيمات ورائد من رُوادها.

وهناك نماذج ناحجة في كثير من البلدان العربية والاسلامية جديرة بالاستفادة منها كما ينبغي الاستفادة من جمعيات مدنية ودينية أوربية وأمريكية وأسيوية في هذا الميدان فالحكْمة ضالة المؤمن…

أ.د. عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>