بارقة – هنيئا لخزانة جامع القرويين


انعقدت بكلية الآداب -سايس ندوة عن خزانة القرويين بين الماضي والحاضر والمستقبل، وكان الحديث عن مخطوطاتها الباقية والضائعة والخُروم وعن ارتباط هذه الخزانة بالوقف التطوعي لسلاطين المغرب وغيرهم، وكانت العروض تتراوح بين مَسِّ الموضوع في العمق وبين ما يتصل بالمخطوط عموما، والمهم في الأمر أن اتجاها واضحاً كان يُتداولُ خارج مكان الملتقى بين المشاركين وهُو ضرورةُ أن تعودَ خزانة القرويين للأوقاف، لأنها كلُّها وقف والوقفُ مَصُونٌ بالأحكام الشرعية الصارمة لَم تَدعْ مجالاً للتلاعب أو التحايل أو المسوغات، وكان السؤال الذي يتردَّد : هل الخزانة التي تشرف عليها الأوقاف تحظى بالعناية اللاّزمة التي تحفظها من عاديات البشر والأرضة والرطوبة والعوامل التي أتت على مخطوطات كثيرة بالمغرب وما تزال بعض تلك العوامل تمارس مفعولَها ونحنُ غافلون عنها!

ومن أجمل البُشْريات خلالَ هذا الملتقى هو إعلان الدكتور المؤرخ والعالم عبد الهادي التازي بأنه يُهدي سبعة آلاف كتاب أو عنوان لخزانة القرويين، وقال إنني أقدم لهذه الخزانة الشامخة أعز أبنائي وبناتي بموافقة أسرتي زوجاً وأولاداً وسيقدم الوثائق للخزانة الحسنية.

وبالمناسبة فإن علماءنا المحدثين أبْدَوْا دائماً أريحية حضارية بما قدموه للمكتبات الرسمية من هدايا خزائنهم أو فتحُوه من مكتباتهم الخاصة للعموم ومن ذلك إهداء العلامة الشيخ ابراهيم الكتاني مكتبته للخزانة العامة وهي مكتبة نفيسة، والفقيه محمد الحمداوي الذي وَهب مكتبته الخاصة للخزانة العامة وهي مكتبة تحتوي على طبعات قديمة بمصر جيدة كما أنها تعكس اهتمامات الشيخ الحمداوي، انطلاقاً من كتب القرآن وعلومه والسنة وعلومها إلى كتب التربية والتعليم والكتب التي تُعْنى بالحضارة والتاريخ والكتب الخاصة بالمغرب وبعض الكتب المترجمة من اللغات الأجنبية في المرأة والحضارات والتربية. أما الفقيه العلامة المؤرخ محمد داود فقد فتح للعموم مكتبته الخاصة بجانب بيته لينتفع بها طلاب العلم مثلما فعل الشيخ عبد الله گنون بمدينة طنجة رحمهم الله جميعا.

ولا نَنْسى بهذه المناسبة المكتبة الصبيحية بسلا ومكتبة النادي الجراري بالرباط التي ينتفع بها طلاب الدراسات العليا وغيرهم، ومكتبة ابن سودة بفاس.

وما يقع في المغرب لا يُقارن بما يقع في دنيا الحضارة الغربية من تبرعات وهدايا للمكتبات العمومية ولكن الخير ما يزال بالمغرب والحمد لله.

إن خزانة القرويين كما سمعنا تحتاج إلى ميزانية مُناسبة لتزويدها بالكتب الجديدة والطبعات المحققة من النصوص القديمة ونسخ من الأبحاث والدراسات الجامعية في أهم المجالات بفاس، كما تحتاج إلى عناية خاصة بالخروم التي تتناثر أجزاؤها وتتحول بعض صفحاتها إلى رماد كما هو مشاهَد، وقد كنا ننتظر أن تمتد إلى هذه الخروم يد العناية مثل العناية التي بُذلت بالتعاون مع مؤسسة ألمانية لانقاذ كثير من مخطوطات القرويين بإدارة الأستاذ أحمد توفيق المحافظ السابق للخزانة العامة بالرباط.

ونود أن تُنشر أهم الأبحاث لهذه الندوة لما فيها من فوائد كثيرة ولاسيما ما يتصل بالمخطوط بالقرويين.

د. عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>