بارقة: أين بن لادن؟ هل رفعه الله إليه؟!


دُمرت أفغانستان تدميراً ثانيا بعد أن كانت قاعاً صفصفاً، إذ لم تترك الفتن الداخلية من المرافق أو البنية التحية والدور والقصور والطرقات والمنشآت ما يُدمّر، ولكن الآلة الحربية الأمريكية والأسلحة التي زودت بها روسيا وأميركا وايران والهند التحالف الشمالي السنّي والشيعي والشيوعي (دوستم) لم تجد ما تدمره إلا الإنسان الأفغاني  وتشريده وانتهاك بشريته وانسانيته. وقد استطاعت أمريكا أن تقيم حكومة موالية لها غير أنها إلى الآن لم تعثرعلى عدوها الأول الذي من أجله قامت قيامة أفغانستان وأصاب الشعب الأفغاني أضعاف أضعاف ما أصاب الشعوب في الحرب العالمية الثانية أو الفيتنام (الهندية الصينية سابقا) أو كوريا بشقيها أو سيراليون وروندا وبوروندي أو الكونغو، إن هذا الشعب المسلم الفقير المعدم، الحافي والعاري والجائع استغله الرأسماليون والشركات البيترولية الكبرى للقضاء على النفوذ السوفياتي، حتى إذا تحقق تقويض النظام  الشيوعي، انقضت عليه تلك القوى وحدها ومتحالفة ومؤازرة، ففتكت به أشد الفتك كأن كل فرد فيه هو بن لادن.. أما بن لادن نفسه الذي اتُّخَِِذ ذريعة لتدمير شعب بأكمله فلحد الآن لم يُقْض عليه، وقد عمل الأمريكان بنصيحة النتن ياهو الذي أشار بوجوب إحراق الأكوام الهائلة من التبن للقضاء على “الابرة” المختفية في ثناياه،وبذلك يكونون قد حققوا هدفهم وهو القضاء على الإرهاب وعلى بن لان. وقد ظهر بعد إحراق الشعب الأفغاني كله أن “الابرة” لم يقض عليها فما ذنب التبن؟ على كل فهو مجرد تبن في رأي النتن وجميع المُنْتنين مثله.

والمهم أين بن لادن الذي كان هو القصد من دمار الشعب الأفغاني، فهل مازال حيا؟ هل يكون مختبئا في كهوف جبال أفغانستان؟ أم قد يكون قد انتقل ليختبئ في كهوف جبال همالايا بكشمير؟ وما يُدريك؟ فلعل الهند تتبع خطوات أمريكا فتبتدع هذه الأسطورة أو الأكذوبة، وبذلك يحق لها أن تمحق الشعب الكشميري كله للقضاء على بن لادن المختبئ في كهوف كشمير. أم قد يكون مختبئا في الشيشان وبذلك يحق لروسيا أن تبيد الشعب الشيشاني بسلاح نووي محدود للقضاء على (شيخ) الإرهاب، أم يكون قد اختبأ عند بعض الفصائل الصومالية وعندئذ يجب الانقضاض على شعب الصومال وابادته وتدمير بنيته التحتية -إن بقيت- وتشريده وتجريده من مقومات الحياة لاسيما وأثيوبيا تنتظرالفرصة لتحتل أجزاء أخرى من الصومال، أم يكون قد امتطى صهوة جواده وطار في الهواء فوق الأقمار الصناعية وخارج مجالات الردارات العملاقة ليستقر عند الشيخ ياسين فيختبئ عنده، وعندئذ فعلى السلطة الفلسطينية وقواد أمنها الوقائي بزعامة الرجوب وزعمائها السياسيين بزعامة المفكر والكاتب النِّحْرِير شعث القضاء على حماس وكل من يتحمس لها!!. أم طار مع البرق  إ لى الفلپين وفي ذلك فرصة ثمينة للقضاء على المسلمين الأصليين، أم أصبح بن لابن بعثيا فهو الآن في ضيافة صدام! مما يجعل أمريكا على “حق” في إهلاك ما تبقى من الشعب العراقي، أما صدام فلن يؤذ أبدا كما هو مقرر عندها.

إن من مصلحة أمريكا ألاّ يموت بن لادن لأنه المسوغ الشرعي والقانوني لإبادة شعب يأويه أو يأوي إليه.. وقد شاع أن الرجل توفي ومات ميتة طبيعية، وقد يكون مات فيمن مات من قادة القاعدة وأفرادها، فهل إظهار بن لادن في شريط فيديو بفضائية BBC الانجليزية معذرة “الجزيرة” القطرية هو بيان لتكذيب خبر موته لاسيما وأن التعليقات والتحليلات حول هذا الشريط وغيره مما هو صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح ماتزال مستمرة يشترك فيها كبار الدبلوماسيين الأمريكان والصحافيين الفلسطينيين وغيرهم.

وبعد : فهل مات الرجل أم ما يزال على قيد الحياة، وإن كان ذلك كذلك فأين يكون؟ هلابتلعته الأرض فهو يختبئ فيها إلى أن يُبعث من جديد في مسرحية أخرى؟ أم سيستنسخ باستمرار ليظل حياً مدة هذا القرن الإفرنجي أم يكون قد رفعه الله إليه؟ وبذلك فقد يصبح معبوداً جديداً في أمريكا تنسج حوله الاساطير والخرافات. لا نستبعد أن يقوم بعض “الحواريين” في أمريكا بادعاء أنه رأى بن لادن في المنام أو المشاهدة وبذلك تتكر قصة مسيحهم الذي زعموا أن الرومان قتلوه وصلبوه بإيعاز من اليهود ثم بعد ذلك آمنوا به ومازالوا يعبدونه مصلوباً ومعلقا على الجدران وعلى الصدور والنحور وأقاموا له عدة كنائس كبرى، ولعلهم هنالك يقيمون معبداً أو معابد يضعون على جدرانها صوراً وتماثيل لابن لادن وهو على صهوة جواده يدعو أتباعه للقضاء على أمريكا مثل الطوائف الأمريكية الأخرى التي تعمل جهاراً من أجل ذلك!!

< د. عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>