إنهم أبناؤكِ يا فرنسا : أسأتِ تربيتهم فأذاقوكِ بعضَ آثارها


الجيل الثاني من أبناء المغرب العربي المولود بفرنسا يعاني مشاكل عدة فالكثير منه ينقطع عن الدراسة ومن أفلت وتابع دراسته من النادر أن يتابع تخصصا جامعيا إذ يكتفي بمستوى مهني تقني، ذلك لنقص وعي الآباء ولميل الأطفال والشباب للبطالة واللعب والسهر مع أمثاله كما أن ذلك القليل النادر الذي يصر على متابعة دراسته يجد عراقيل كثيرة في طريقه، ففرنسا كما لا تسمح بقيام دولة إسلامية بأوربا كما جاء على لسان ثعلبها الاشتراكي فرانسوا ميتران الذي صرح بذلك فيما يتصل بمطالبة شعب البوسنة والهرسك المسلم بتقرير المصير، فكذلك هي لا تسمح بأن يتكون الجيل المسلم الفرنسي على غرار مواطنيه الآخرين من الأصول النصرانية واليهودية وقد اشتكى كثير من الشباب المغاربي الفرنسي من المكر المحيط بهم ومن العراقيل التي توضع في طريقهم .. من ذلك نصائح بعض المديرين لهم إن هم أصروا على متابعة الدراسة بأن يلتحقوا بثانوية بعيدة عن مقر سكناهم، بالإضافة إلى قلة وعي الآباء وفقرهم وحاجتهم إلى عمل الأولاد المبكر…

هذا الجيل رأينا الكثير منهم يتسكعون في الأحياء والطرقات .. وتتكون منهم عصابات صغيرة مستعدة دائما لإحداث الفوضى والقيام بالشغب والاشتباك مع الأمن ..

وقد تستغل المخابرات بعضهم للقيام بأعمال تخريبية .. من ذلك العملية الإرهابية التي وقعت في فندق إيسني بمراكش، وقد شاهدنا بعض هؤلاء ببعض المدن الصغيرة، وقد شاهدنا أيضا بعض هؤلاء الذين دلنا عليهم من يعرف أصلهم وأسماءهم ومنهم شخصان نجيا من القبض عليهما بالمغرب ..

إن هذا الجيل المغاربي هو نتاج فرنسي أساءت فرنسا تربيته وتوجيهه وربما كان ثمة إصرار على إضلاله ودفعة للتسكع والمخدرات وما ينتج عن ذلك من سلوك مشين وأخلاق شكسة، ومما يساعد على ذلك قلة وعي الآباء وانشغالهم عن تربية أولادهم ومتابعة دراستهم واستغراقهم في العمل ليوفروا لهم وللأسرة ما يعولها وللعائلة في بلادهم ما يعينها.

ولقد تأكد للسلطات الفرنسية أن تلك الأحداث لا علاقة لما تسميهم ” بالإسلاميين ” بها بعد أن روّج لذلك بعض الأبواق الإعلامية المتخصصة في اتهام المسلمين والإسلام والإسلاميين بالإرهاب لأول وهلة، ولا يقع التراجع إلا بعد أن تملأ الاتهامات الدنيا ..

والعجب أن الانفجار الطلابي في ماي 1968 بزعامة اليهودي الألماني بنديت كوهين سمى بثورة الطلبة وقد زعزعت هذه الثورة نظام دوغول بل كانت السبب وراء استقالته بعد ذلك أما الأحداث الأخيرة فقد أطلقوا عليها أسماء أخرى وأوصافا مشينة ويكفي أن يقول وزير الداخلية الماكر: إن هؤلاء حثالة وأوباش ..

نعم: إنهم حثالة لكنكم أنتم صيرتموهم حثالة وأوباشاً ولكنهم أبناؤكم وتربيتكم … فلو رُبّوا على الإسلام لكانوا مثال الاستقامة والفضيلة ولكانت منهم أطر عليا تنفع وطنهم فرنسا وتسهم في تقدمها مثلما يفعل بعض إخوانهم ممن كانوا هم وآباؤهم أقوى من مكركم فاستعصوا على سوء توجيهكم وأبوا إلا أن يُتموا دراساتهم وأن يحيوا حياة كريمة وها هم الآن يسهمون في تقدم فرنسا واستقرارها وإن كان من الصعب أن ينالوا ما ينالهم زملاؤهم من الفرنسيين الأقحاح ذوو الدماء الصافية والبشرة البيضاء والعيون الزرق !!

د.عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>