لقد أمرنا النبي بالتداوي في حديثه الشريف فقال : >تداووا أيها الناس فإن الذي خلق الداء خلق الدواء، ولا تداووا بمحرم<. إن البرص نوع من أنواع الأمراض التي تبدو على الجلد وهو بلاء عظيم من الله تعالى. وبما أن النبي محمد نهى عن التداوي بالمحرمات فعلى المصاب تفادي العقائد الخرافية التي ترتبط بالكهانة والعرافة والتعاويذ السحرية من طلاسم يعلقها عليه أو مكتوب يتبخر به أومسامير يدقها على الحائط وما شابه ذلك ظنا منه أنه بذلك يستطيع أن يحد من انتشار المرض أو الاستشفاء منه فإن كل ذلك من أفعال الجهل والجهالة. فإذا عرف الإنسان سبب الداء سهل عليه إيجاد الدواء وإذا بحث بجدية علم وفهم واستطاع التوصل إلى حقيقة الداء والدواء.
أسباب العلة كثيرة لكنها تنحصر في ثلاث : أكل وشرب واغتسال. إما أن يأكل الإنسان طعاما فاسدا أو يشرب مشروبا فاسدا أو يمس جلده ماءفاسد عن طريق الوضوء والغسل والسباحة لا يحس الإنسان المصاب بأي وجع أو ألم لكن سرعان ما يعلو الجلد بقع بيضاء أو وردية اللون قابلة للانتشار في كل مكان في الجسم.
من فضل الله علينا أن بين لنا في آياته القرآنية الكريمة مسائل صحيحة هامة في الاعتناء بصحة وسلامة الأجسام والعقول، فأصدر توجيهات مهمة في التحليل والتحريم في الأطعمة والأشربة والطهارة. ومن سبل الوقاية الاقتناع والرضى بكل حلال طيب والابتعاد عن كل حرام أو خبيث كما يقول سبحانه : {وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا{(المائدة : 88) ولقد جاء الرسول محمد بمنهج رباني متكامل شامل بين واضح لصالح الإنسان ومجتمعه إذ يقول الحق عز وجل : {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}(الأعراف : 157)
والصبر على البلاء من الإيمان {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}(النمل : 162) وهو من أسباب الفلاح والنجاح في العلاج {ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقو الله لعلكم تفلحون}(آل عمران : 200) فبالصبر نحافظ على صحة القلوب والأبدان والأرواح ونبقى في معية الله تعالى ومحبته لنا ونصره لنا فإن الله مع الصابرين ويحب الصابرين وينصر الصابرين. والدعاء يرفع البلاء وقد أمرنا الله تعالى بالدعاء ووعد بالاستجابة : {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}(غافر : 60) أما الصلاة فلها تأثير عجيب في رفع المعنويات ودفع شرور الدنيا والآخرة يقول الحق سبحانه : {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}(البقرة : 45) ويقول عز وجل : {ياأيها آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}(البقرة153).
وليتذكر الإنسان المؤمن المسلم المحتسب ما أصاب سيدنا أيوب عليه السلام من بلاء إلا أن صبره ودعاءه وصلاته واحتسابه كانوا له شفعاء عند الرحمان الرحيم فشفاه وعافاه وعوضه ولا ينسى الإنسان قول الله تعالى على لسان سيدنا ابراهيم عليه السلام : {وإذا مرضت فهو يشفين}(الشعراء : 80) فالله تعالى وحده هو الشافي لكن يجب الأخذ بالأسباب حتى يتم العلاج بإذن الله تعالى. ومن الأسباب الروحية إلى جانب الاحتساب والدعاء والصلاة قراءة القرآن الكريم والتبرك بآياته العظام فالله تعالى يؤكد : {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}(الإسراء : 82).
وفي هذا العدد إليكم خلطة دواء البرص وهي مجربة بإذن الله :
1) الحمية، فهي دعامة إنجاح العلاج. فعلى المصاب أن يمتنع عن أكل وشرب المحرمات وعن تناول بعض الأطعمة مثل البيض والدجاج الرومي والزبدة والسمك الأزرق مثل السردين وشطون والشابل والتون وتجنب المواد الحمضية والحارة مثل الخل والحامض والفلفل الحار والإبزار طول فترة العلاج والتي يمكن أن تطول لشهور عدة حسب درجة الإصابة بالداء. كما يجب تفادي استعمال أنواع العطر والصابون التي تشمل مكوناتها على مواد كحولية فعلى المصاب أن يستعمل الأنواع الطبيعية من العطر والصابون مثل ماء الزهر والورد والمسك والعنبروصابون زيت الزيتون والطاووس ومارسيل…
2) العلاج الخارجي : يأخذ المصاب نبتتي الفِيجْلْ ورُوطا من عند العشاب ويدقهما ويضعهما في آنية بمقدار مائة غرام للنبتة ويقطع فوقهما بصلة حمراء متوسطة الحجم ويضيف الماء بمقدار ما يغطي تلك المواد ثم يضع الآنية على نار قليلة الاشتعال لتغلي مدة ثلاث دقائق ثم يحتفظ بالخليط عندما يبرد في وعاء زجاجي يغطى بنسيج مثقب حتى لا يختمر ويستعمل الخليط حتى بعد أن تفسد رائحته. على المصاب أن يشتري هاتين النبتتين في وقتهما بكمية تكفيه للعلاج طوال السنة ويحتفظ بهما في كيس من قماش الكتان بعد تجفيفهما جيدا حتى يستطيع أن يكمل مدة علاجه بدون انقطاع. يجب دهن الجلد بكامله من شعر الرأس إلى أخمص القدمين حتى وإن كانت بعض المواضع غير مصابة ويجب الاحتياط جيدا حتى لا يدخل الخليط إلى الأذنين والعينين كما يجب دلك الجلد جيدا لمدة عشر دقائق حتى يدخل الدواء في مسام الجلد ويتم الاستنفاع منه ويبقى المصاب مطليا كليا بذلك الدواء أطول مدة ممكنة من ساعة إلى أكثر ثم يغتسل بالماء العادي والصابون الطبيعي. يجب تكرار العملية يوميا دون يأس أو تأفف من الرائحة الكريهة فرب شيء نكرهه فيه منفعة لنا.
3) العلاج الداخلي : يأخذ المصاب مادة الصَّبِر وبالعامية الصِّبْرْ من عند العشاب ويدقها ويخلطها مع العسل الحر وقليل من الحلبة المدقوقة قدر ما يتم جمْع الصبر على شكل مزيج متماسك. يحتفظ بالمزيج في وعاء من زجاج مغطى جيدا حتى لا يتلوث. يتناول المصاب مقدار حبة حمص كل صباح قبل الأكل بنصف ساعة ثم يفطر متفاديا أكل المواد السكرية في فطوره فقط حتى يقضي على الديدان التي تتولد في الأمعاء تبعا للداء. يمكن مراقبة الغائط للتأكد من نزول الديدان الميتة وذلك مؤشر حسن بإذن الله تعالى. مادة الصبرمرة المذاق لكن عواقبها أحلى من العسل وهي التي قال فيها النبي : >ماذا في الأمرين من الشفاء؟ الصبر والشفاء؟<. يستمر المصاب في تناول حبة الصبر كل يوم مدة أربعين يوما ثم ينقطع مدة أسبوع ويعاود الكرة إلى أن يبرأ إن شاء الله تعالى.
4) إذا كان الجهاز الهضمي للمصاب لا يتحمل هضم أو استضاعة مادة الصبر ولو بفترات متباعدة مثلا كل أربعة أيام فيمكن الانقطاع عن تناولها ودَلْك الجلد بها عوض أكلها وذلك بخلط دقيق الصبر مع أية مادة دهنية قابلة للامتصاص من الجلد حتى يصبح الخليط مرهما شافيا بإذن الله تعالى ويجب دلكالجلد به بعد الاغتسال من خليط الفيجل وروطا. يمكث المصاب مطليا بالصبر مدة نصف ساعة ثم يغتسل منه. في هذه الحالة يمكن تعويض أكل الصبر بأخذ ملعقة صغيرة من السانوج (الحبة السوداء) المطحون بعد وجبة الغذاء كل يوم ماعدا في أوقات الحَرِّ مثل الصيف لأن السانوج مادة تولد الحرارة في الجسم. يمكن أخذ السانوج وحده مدقوقا أو خلطه مع العسل الحر. بعض الناس يتناولون حبة طريلان ولكن ليس لها مفعول الصبر أو السانوج. إن البرص مرض غير مُعد لكن ينتقل من الآباء إلى الأطفال أو الأحفاد عن طريق التوارث الجيني وهذا ما يجعله سببا من أسباب طلب الطلاق ولهذا يجب على المصاب أخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي وقوع الحمل خلال مدة الإصابة بالمرض. نطلب من الله تعالى الشفاء العاجل لكل مصاب وبالله تعالى التوفيق وله المنة والفضل.
إدريسي خديجة