خاطرة إيمانية


رغم أن الأمة لم تبرح موقعها منذ مدة طويلة إلا لترجع حثيثا نحو الوراء، فإن علامات مضيئة تبشر أنها بدأت في التحرك من أجل الانطلاق, وذلك من خلال محاولات دائبة لتأصيل قيم النقد والمناصحة والمراجعة الذاتية، وتطوير آليات ووسائل المسؤولية الملقاة على عاتقها المسببة لخيريتها {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}. و تركيز بعض العلامات المضيئة على الأصول الحضارية الذاتية واعتبارها أسسا لعمليات التغيير والتنمية، دون إغفال الانفتاح على مختلف الفضاءات التي قد تغني مسيرة تلك العمليات تجليات فاعلة لإعادة التوازن إلى الحياة، وإسباغ رحيق الإنسانية عليها . وفي المقابل نجد سلاسل عدة تحاول إحباط الانطلاق والتقدم . ولا شك أن انهيار العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وتفكك الحياة الأسرية، و تمييع بعض الوظائف الحياتية وتغيير أو تحييد أدوارها، من أبرز تلك السلاسل، ومن أهم أسباب ما تعانيه الأمة من ضربات على مختلف الأصعدة، وتكبلها وتعوقها عن الانطلاق . وحتى لا نظل نعوم في بحار العموميات التي تفسد رؤانا، نأخذ وظيفة الأمومة، بوصفها مثال لأهم الوظائف الاجتماعية، فنرى حقيقتها، وما انتهت إليه في واقعنا. إن هذه الوظيفة من أخطر الوظائف التي تقوم بها المرأة في الحياة لأنها تقوم بصياغة الإنسان وبناء شخصيته، وترضعه أولى القطرات المشكل لتصوراته ورؤاه.  ورغم أن حس الأمومة مصاحب لفطرة المرأة وما جبلت عليه من حنان ورأفة، إلا أن عدم تعهده بالتوجيه والتقويم يؤدي إلى نتائج عكسية, وينتج أفرادا لا يمثلون خيرية الأمة . أي أن عدم اكتساب المرأة لمكونات الشخصية المؤمنة، وابتعادها عن مصادر أصالتها وطبيعة وجودها يفقدها البوصلة التي تقود بها أبناءها نحو ميناء الانطلاق.  والمتأمل لواقع الأسرة في مجتمعاتنا يجد أن الأم تقوم بدور خطير في ضمور الإيمان في نفوس أعضائها، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان عامل أساس في بناء سعادة الأسرة, وهو الحب. لأن الأسرة التي لا تغذيها أمها بالحب القائم على الإيمان فإنها تودي بها نحو مهاوي القلق والاضطراب والانحراف، لتنتج علاقات سلبية مليئة بالنزعات المادية والمصلحية. وقد آن الأوان أن نصدر للإنسانية المفهوم الصحيح لوظيفة الأمومة ولغيرها من الوظائف الإنسانية بعد تصحيحها في واقعنا

وللحديث بقية…

دة. أم سلمى

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>