… صفعة جديدة تنضاف إلى سجلنا الحافل بالصفعات والإهانات والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. الصفعة هذه المرة جاءت موثقة ولها طابع أكاديمي وعلمي بحيث على صفحات معجم ويبستر الشهير وفي طبعته الجديدة والمنقحة لهذه السنة جاء في تمرين كلمة “عربي” أسطول من المرادفات والألفاظ القادحة والعنصرية جدا جداً. فالعربي حسب المعجم المذكور هو : المتشرد= vagabond، المتسول = clochard ، المنحرف= drifted، المتسكع = floater، العالة= hoba
والقائمة أطول من هذا بكثير ولا يسعها المقال ولا المقام.
تمر هذه الإهانة كغيرها وسابقاتها من الإهانات ويبتلعها المثقفون والساسة والقوميون في أوطاننا كما ابتلعوا غيرها… تماما كما يبتلع أحدهم حبة أسبرين فلا تعليق ولا احتجاج ولا هم يحزنون، فصحفهم -كان الله في عونهم- مثخنة بالمقالات التافهة والمتابعاتالهزيلة وكل ما سفل وحقر من الأخبار والتعليقات!!
ولا أحد كلف نفسه عناء الرد اللهم إلا الحملة التي قامت بها جمعية المترجمين العرب على موقعها في شبكة الأنترنيت لفضح هذا التطاول العنصري البغيض.
فقامت مشكورة بمراسلة العديد من المنظمات الحقوقية الحكومية وغير الحكومية لاستنهاضها كما طالبت المثقفين العرب بإرسال برقيات احتجاج وإدانة لشركة “ويبستر” مطالبة إياها بالاعتذار للأمة الإسلامية والعربية وبسحب جميع قواميسها من الأسواق، والجمعية المذكورة عازمة على رفع دعوى قضائية ضد “ويبستر” أمام المحاكم البلجيكية وقد يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي.
علما بأن المحاكم البلجيكية تُجرِّم بشدة المفاهيم العنصرية الهادفة إلى بث الكراهية والعنصرية بين الشعوب والحضارات، ومن أجل رفع الدعوى فالجمعية تفتح حسابا بنكيا للتبرع. عدى هذه المجهودات الغيورة، لم أسمع ولم أقرأ -في حدودعلمي- عن جهة وازنة رسمية واعية قامت ولو بأضعف الإيمان للإشعار بحدة الحملة العنصرية بل إن أحد الأساتذة البارزين في الجمعية المذكورة راسل إحدى الجرائد المغربية المعروفة بتوجهها القومي العربي فرفضت نشر مراسلته!!علما بأن هذه الجريدة والحزب الذي تمثله إنما قام على شعار نصرة القضايا العربية والدفاع عن اللغة العربية منذ فجر الاستقلال، ومثل هذه الجريدة العديد من الأحزاب والهيئات السياسية التي صمت آذاننا في السبعينات من القرن الماضي والثمانينات بالشعارات القومية والدفاع عن الحق العربي بل وحتى التاريخ والحضارة العربية، وكانوا يروجون لأفكارهم وإيديولوجياتهم السياسية الوافدة آنذاك من خلال الشعارات، وكل شيء تقريبا تم وصمه بالطابع القومي العربي حتى أصبحت كل إيديولوجيات الغرب آنذاك معادية للقومية العربية (الإمبريالية الصهيونية) الليبيرالية المتوحشة ، الإقطاعية…… كل ذلكفي مقابل القومية العربية. كل تلك الشعارات زالت وخنست الأصوات وانخرطت كلها في المشروع الغربي والعولمة وذابت القومية العربية ومعها ذابت العزة والكرامة والدين والقيم وأشياء أخرى فقدناها عندما تخلينا عن كل مقومات كرامتنا وأصالتنا ومرجعيتنا حتى أصبحنا لقمة سائغة لكل عنصري حقود أو متآمر خائن، ولهم الحق في ذلك فقد خلت لهم الساحة وعز الرجال : فما كانت الحسناء لتضع خمارها لو أن بالجموع رجال. فلقد أصبحنا، والحالة هاته، أمواتا ولم نعد نحس أو نشعر بأي ألم في جسدنا وقد أثخنته الجراح والإهانات… فقد مات فينا الإحساس… وحتى الجامعة العربية المخولة عقلا ونقلا للدفاع عن كرامة العرب لم نسمع لها ركزا وكأن الأمر لا يعنيها في شيء، فقد كان الله في عونها فهي مشغولة إلى الأذقان في تحضير القمم، وكلما انتهت قمة هوينا للسفح!! وحتى هذه القمم لا تقوم بعدها قائمة لهذه الأمة… لأنها ببساطة هذر ولله ذر الشاعر أحمد مطر القائل :
وهزي إليك بجذع مؤتمر
يتساقط عليك الهذر!
….. وأنا أكتب هذه اللوعة قرأت خبرا نقلا عن جريدة كويتية مفاده أن امرأة عربية ثرية ( ووراء كل امرأة عربية رجل عربي طبعا) تبرعت بمبلغ مليوني دولاراً لتصميم فستان فاخر من اختراع المصمم اللبناني (إيلي صعب) حتى تتبختر به عارضة أزياء أمريكية في متحف التاريخ البريطاني برعاية زوجة رئيس وزراء عربي أيضا. للتذكير فقط فهذا الفستان تُزينه 2000 زمردة و4000ماسة. فهنيئا لهذه السيدة العربية الحاتمية على هذا الكرم والسخاء!!!
بقي أن نذكرها ونذكر السيد المحترم رئيس الوزراء العربي وحرمه المحروسة أن المبلغ المتبرع به كان كافي وزيادة لإنقاذ حياة 40 مليون طفل على وشك الموت جوعا بإفريقيا!! وعلى ذكر النساء العربيات، فهن ينفقن أزيد من 40مليون دولارا فقط سنويا على مساحيق التجميل والشياكة، هذا في دولةواحدة فقط.. كل هذا وغيره الكثير مما يشيب له الولدان يحدث في أوطاننا العربية والإسلامية، والقائمون والغيورون على سمعة الأمة في جمعية المترجمين العرب يتحذون لجمع مصاريف رفع دعوة قضائية لمحاكمة “ويبستر” على إهانة العرب على صفحات قاموسها لهذه السنة.
{ربنا لا تواخذنا بما فعل السفهاء منا}آمين، آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ذ. عبد القادر لوكيلي