الوهن في معسكرنا


كيف يمكن أن يكون الخطاب الإسلامي بعد 11شتنبر2001؟

ما العمل أمام هذه الهجمات المتنوعة على الإسلام والمسلمين؟كيف نستطيع التصدي للعالم بزعامة أمريكا الذي أجمع على تقويض العالم الإسلامي؟

أسئلة كثيرة نشأت إثر الأحداث المهولة التي حلت وتحل بالمسلمين في بداية القرن الواحد والعشرين وهي تنشأ عقب كل قارعة وإثر كل كارثة، وقد وقعت أجوبة متعددة في الماضي والحاضر من مستويات مختلفة، ومازلت أذكر بعض الأجوبة السطحية التي تدل على استهتار بالموضوع واستهزاء بالأمة وعلى الجهل المركب بل المكعب بعلم العمران و الحضارات، من ذلك جواب بعضهم في مؤتمر تربوي وتعليمي عقد بالكويت إثر نكبة 1967 أن من أسباب النكبة جهلنا باللغات الحية، فقرر المؤتمر التوسع في تدريس اللغات, ومن الأجوبة التي كانت جاهزة عند الذين هزمونا فأخرجها عملاؤهم في كتب ومقالات وتداولوها في ندواتهم ومحاضراتهم تدور حول موضوع واحد هو أن من أهم أسباب الهزائم الدين والتدين، وماتزال فلول العملاء الثقافيين والمتعالمين والبرافسة (جمع تكسير للبروفيسور) يدندنون حول هذا الموضوع ومن آخر ذلك وجوب إخضاع النص المقدس أي القرآن الكريم إلى النقد المدنس وتجريده من قداسته ليصبح في مستوى النصوص البشرية المستسلمة لشرط البحث والنقد والتقويم والتجريح… اعتبارا لقداسة العقل وعصمة العلم ومناهجه الحديثة وليس في ذلك أي عجب ولكن العجب أن تتداول هذه الأفكار في منابر ومراكز إسلامية وسلفية وهناك مؤتمرات عقدها أصحاب العمائم يتبرؤون فيها وما يزالون من تهمة الإرهاب كما يبرؤون الإسلام الذي ما يزال في قفص الاتهام بل وراء قضبان الإدانة والتجريم. وما تزال المؤتمرات والندوات تعقد هنا وهناك ووراء ذلك جهال لا يدرون حقيقة المرض الذي ينخر أجسادنا وعقولنا، وماتزال خطب الجمعة تلقى والمؤلفات تنشر والمقالات تدبج… وكل ذلك بعيدٌ عن مكمن الداء ومنحرفٌ عن وصف الدواء…

إن ما أصابنا ويصيبنا هو قبل كل شيء وبعد كل شيء من أنفسنا{قل هو من عند أنفسكم}، إنه مرض الوهن الذي يفتك بنا جميعا، وهو الذي يطيح بنا ويتلنا للجبين تحت سطوة سكاكين المغول الجدد… إن أسباب حلول ظاهرة الاستعمار تضاعفت ولاسيما في مستوى القيادات ذات المسؤولية الأولى عند الله وعند التاريخ في الدنيا وإن كان التاريخ قد أصبح في عصرنا من أكبر المرتشين والمزورين والقائلين للزور والبهتان والتضليل والتحريف.

أيها الغافلون إن الوهن في معسكرنا وفي صفنا الذي هو بنيان غير مرصوص…

ابحثوا عن أسباب الهزائم المتوالية بين جنباتكم وفي لفائف نياتكم وفي طيات ضمائركم وفي تآمر بعضكم على بعض وقذف بعضكم بعضا وفي أزمات متخلفة حتى داخل صفكم الواحد. {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} فهل نحن بنيان مرصوص في المشرق والمغرق وفي بلاد الغرب؟ لقد خبرتُ هذا الصف منذ أكثر من نصف قرن فوجدت أن هزائمنا وفشلنا وكوارثنا وما حل بنا من مآس وكوارث نتيجة شقوق في بنياننا وخلل في صفنا وتناحر في معسكرنا وتمزق في وحدتنا واختلاف في قلوبنا… ورحم الله من قال : (إذا اختلف الأخيار قادهم الأشرار).

ثم إن الذين لا يرحمون إخوانهم أو يكفون عنهم أذاهم وينزهوا عن أعراضهم ألسنتهم ولا يأمنهم أحبابهم في الله ولا يطمئن إليهم أشقاؤهم في الدين من المستحيل أن يمكِّن الله لهم أو يأتمنهم على رسالة رسول الله  الذي يقول  فيه عز وجل : {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود}.

إن سنن الله لا تتخلف، فَلِمَ الاهتمام بما هو خارج عن الذات والمرضُ فيها، فهلا أقبلنا على علاج أنفسنا حتى تصبح سليمة صحيحة معافاة وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ويجيء الحق ليزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.

د.عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>