نحن في حاجة إلى صياغة شخصية الأمة على قاعدة فكر التحدي


في حوار مع جريدة المحجة الدكتور أسعد السحمراني يقول :

نحن في حاجة إلى صياغة شخصية الأمة على قاعدة فكر  التحدي

د. السحمراني في سطور

ولد في عكار- لبنان 1953.

أستاذ “العقائد والأديان المقارنة” في جامعة الإمام الأوزاعي ـ بيروت.

عضو المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس ـ عمّان.

عضو لجنة القدس وفلسطين في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.

عضو اتحاد الكتاب العرب في دمشق.

عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الجزائر.

عضو منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين في الرباط.

عضو مجلس أمناء المركز الثقافي الإسلامي في بيروت.

مسؤول الشؤون الدينية في المؤتر  الشعبي اللبناني.

مؤلفاته :

1- الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة.

2- التصوف منشؤه ومصطلحاته.

3- الاستبداد والاستعمار وطرق مواجهتهما بين الكواكبي والإبراهيمي.

4ـ إسرائيل الأولى: بيروبيجان.

5- الإسلام بين المذاهبوالأديان.

6- الإعلام أولاً.

7-بدعة عبادة الشيطان: الخطر وسبل المواجهة.

8- البهائية والقاديانية.

9- البيان في مقارنة الأديان.

10- التصوف منشؤه ومصطلحاته.

11- التطرف والمتطرفون.

12-شهود يهود : نشأتهم وأفكارهم.

13- صراع الأمم بين العولمة والديمقراطية.

14- العدل فريضة إسلامية.

15- عقل الإنسان بين الفلسفة والطب والقرآن؛ مع آخرين.

16- لفلسفة العربية: دروس ونصوص؛ مع آخرين.

17- لا للإرهاب… نعم للجهاد.

18- الماسونية: نشأتها وأهدافها.

19-مالك بن نبي مفكراً إصلاحياً.

20- المشروع الصهيوني الجديد.

21- المرأة في التاريخ والشريعة.

22- من قاموس الأديان: الصابئة ـ الزرادشتية ـ اليزيدية.

23- من قاموس الأديان: الهندوسية ـ البوذية ـ السيخية.

24- من قاموس الأديان: الشنتوية ـ الكنفوشية.

25-من اليهودية إلى الصهيونية.

26-ويلات العولمة على الدين واللغة والثقافة.

27- المال والإعلام في الفكر اليهودي والممارسة الصهيونية ـ تقديم وتحرير.

28- قضايا المرأة في الملف العربي والإسلامي ـ المركز الثقافي الإسلامي ـ بيروت عام 1999.

>> هلا أعطيتمونا نظرة مختصرة عن تاريخ  منطقة دارفور بالسودان؟

< الاهتمام بشؤون المسلمين أمر واجب على كل إنسان لحديث ابن عباس “من بات لا يهتم بشؤون المسلمين فليس منهم” دارفور منطقة في غرب السودان دخلها  الإسلام في القرن الهجري الأول، ودخلها أيضا قبائل خرجت مع الفتح من الجزيرة العربية،وهناك سكانها الأصليون، إذن هناك قبائل عربية من الجزيرة العربية وهناك قبائل  إفريقية. سكانها مسلمون مائة بالمائة، والكل  يتكلم العربية، واختلطوا بالزواج بحيث يصعب على الإنسان  أن يميز بين الناس من سماتهم وشكل شعرهم ووجوههم، ودارفور كانت تقدم الكسوة إلى الكعبة الشريفة في مكة المكرمة. أهلها يعيشون على الرعي بشكل أساسي وتقدر  الثروة الحيوانيةفيها بأزيد من  مائة و23 مليون رأس من المواشي، فيها زراعة وفيها النفط والحديد والنحاس، ولا تزال العلاقات والعادات القبلية قوية، هذا ما يؤثر في أهل المنطقة حتى أن الدولة تراعي وتقدر أعراف وتقاليد هذه القبائل والتي بواسطتها يحلون مشاكلهم دون اللجوء إلى المحاكم بأعراف وتقاليد معينة مساحة المنطقة تقدر بـ 500 ألف كلم2 وسكانها حوالي 5 ملايين.

>> ما الذي يحدث الآن في المنطقة في علاقته بالجنوب؟

< هناك تآمر ومشروع تفتيتي للأمة، في السابق اشتغلت بريطانيا في هذا الموضوع بتحريك موضوع الجنوب، وبقي الصراع حتى دخلت أمريكا بشكل أساسي لأن الأمريكي في مشروعه الذي يسمى “الشرق أوسط كبير” تحت شعار “حقوق الأقليات والديموقراطيات” هدفه تفتيت وتقسيم الأمة العربية إلى مناطق صغيرة لنسخ هوية الأمة لتحل محلها هوية عولمة الشرق أوسطية ، وهنا يلتقي الجانب الإسرائيلي والأمريكي في مشروع التقسيم للأمة العربية، وهذه القضية جرت في حرب لبنان القرن الماضي 75 إلى 90 وجرت في جنوب السودان والآن في دارفور وحصلت في الجزائر (حركات إسلامية) وحصلت في مصر…إلخ، وعندما احتلوا العراق أخذوا يزرعون الفتنة بين السنة والشيعة وبين المسيحيين والمسلمين  وبين الأكراد والعرب والحكومات…

فهذا كله حلقة من حلقات التآمر الأمريكي لتحقيق مشروع “الشرق الأوسط الأمريكي”.

>> كيف حصلت المشكلة في دارفور؟

< حصلت صراعات بين قبيلة “أولاد زين” وقبيلة “الزكاوة” وصدف أن هذه الأخيرة وهي إحدى أطراف الصراع لها امتداد في إحدى الدول الإفريقية المجاورة مثل مالي، في النيجر، في السينغال… وهذا الامتداد كمرحلة للتجمع الكردي في شمالي العراق؛ له امتداد في سوريا في  إيران وفي تركيا، فبعد أن حصل هذا الصراع بين القبيلتين حول المراعي أولاً، ثم هدأ ودفعت الديات وانتهت المشكلة وبعد ذلك اشتغل الأمريكيمع أهل النظام في تشاد لتحريك “الزكاوة” للتمرد على شيوخ القبيلة لإحداث الفتنة؛ وأخذوا آلافاً  من شباب “الزكاوة” إلى العاصمة أريتيريا بمعسكرات الأمريكان ودربوهم على السلاح، وأعادوهم إلى دارفور لكي يبدأوا بالفتنة والاقتتال أو ما شابه، فهؤلاء أعادوا تفجير المشكلات العائلية، اعتدوا على عائلات أخرى، اعتدوا على بعض مراكز الشرطة المنفردة أو الجيش، ودخلوا على حين غرة على الأمن السوداني في مطار مدني في مدينة “الفاشر” وهي من كبريات مدن الإقليم في دارفو، وأحرقوا سبع طائرات وهي على أرض المدينة. واستغل الأمريكي أيضا إلى “الزكاوة” الجمجويد وهم قطاع الطرق واللصوص الذين يسميهم أهل المنطقة “جن على جواد” ليسوا قبيلة طبعا أمام الواقع والاعتداء على مراكز الدولة والاعتداء على قبائل أخرى كانت الدولة السودانية تتدخل بقواتها الأمنية لتردع هذا العدوان كما هو الأمر في أي بلد في العالم، فرفع الأمريكي الصوت وهو يتآمر مدعيا أن هذا هو تطهير عرقي، وبدأ يضخم الأشياء ويقول بأن هناك مليون ونصف مهجر، وعندما تعرفنا على الأمر من خلال إخواننا في جمهورية السودان القيادة حيث عقدنا اجتماع المجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة في الخرطوم عرفنا أن المهجرين لا يتجاوزون 300 ألف ثم إن المنطقة فيها فقر وضعف في البنى التحتية؛ في العشر سنوات الأخيرة، دولة السودان عملت على رفع نسبة التمدرس، في العام الماضي كانت نسبة التلاميذ في المنطقة 442 ألف طالب، وهناك ثلاث جامعات في المنطقة فيها ما لا يقل عن 12 ألف طالب وهي نسبة ممتازة إذا ما قارناها مع الجوار الإفريقي أو مع دول أخرى عربية أو إسلامية أو إفريقية رغم أننا نعرف أن بلد السودان بلد فقير وأكلته الحروب والصراع على السلطة وغير ذلك.

فالآن في دارفور  هناك ناس يسعون إلى الانفصال وهم “الزكاوة” بدعم أمريكي وبمشاركة مع زكاوة آخرون ممتدون خاصة في تشاد.

وهذا مؤسف جدا أن يكون الواقع بهذا الشكل وندعوا الله أن يعود الجميع إلى رشدهم وأن يفهموا أن الفتنة أشد من القتل، وبأن هذا الأمريكي يستهدف الأمة في دينها وحريتها واقتصادها، ويستهدف السـودان وغير السودان.

لذلك فإن هذا الأمر يحمل الخطر لجمهورية  السودان حفظها الله من كل خطر، لهذا فالنشاط حتى الآن ليس بالمستوى المطلوب لإنقاذ الوضع.

السودان بلد غني بالنفط وهناك شركات أمريكية  قامت بعملية تنقيب لحد أنها خسرت ملياري دولار في التنقيب على النفط، لكن حكومة السودان أعلنت  أن نفطهم ليس وقته الآن فمشوا، فالسودان بلد فقير وهو في حاجة إلى نفطه، فأدخلوا شركات ماليزية وصينية، وبدأوا في استخراج النفط ومدوا الأنابيب بمئات الكيلومترات، وبدأوا الآن بالتصدير وهذا قد يسهم في نهضة عمرانية ويرفع نسبة التمدرس والرعاية الصحية وغير ذلك، فالأمريكي أغاظه ذلك، وهذا حرضه أكثر ليفجر المسألة في دارفور أو يساهم في تفجير الفتنة في دارفور كما هو الحال في مناطق أخرى،فالأمريكي يعبث بمناطق كثيرة في الوطن العربي مثلا يشترك مع الإسرائيلي المعادي في العدوان اليوم في فلسطين، يغتصب العراق، يهدد سوريا بقرار مجلس الأمن 1559، حرك موضوع الصحراء المغربية في المملكة المغربية ليشغلوها عن القضايا الكبرى، ويهدد المملكة السعودية بأنه ليس فيها حريات دينية.

فهم يريدون أن يظفروا بهذه الأمة دينا وقومية وحضارة، لهذا نادينا ولازلنا  ننادي أبناء أمتنا ليهبوا على قدم رجل واحد لمواجهة هذه المخاطر التي تستهدف الأمة العربية والإسلامية كلها  حكاما ومحكومين، رؤساء ومرءوسين، رسميا وشعبيا، فهم لا يستهدفون فريقا دون الآخر، ومن يعتقد أنه بمسايرة الأمريكي والسكوت أمامه أنه  قد ينجو يكون واهما، لأن هذا الأمريكي يستهدف الشرق الأوسط الكبير، لينفذ مشروعه الشرق أوسطي عندنا حتى يثبت الكيان الإسرائيلي المحتل في فلسطين، وحتى ينفذ مشروعه في العولمة ليهيمن على أسواق النفط في العالم وعلى المواصلات والمواقع الاستراتيجية لأنه لا يغيب عن بالنا أن الأمة العربية بما فيها السودان والعراق فيها الاحتياط النفطي الأساسي في العالم.

>> من المستفيد من هذا الصراع؟

< المستفيد الأساسي هو العدو الإسرائيلي بالدرجة الأولى وشريكه الأمريكي بالدرجة الثانية، من أجل إتمام مشروعه في العولمة وإسقاط العولمة في الأمة العربية هو الشرق الأوسط.

>> ما هو واجب المسلمين اتجاه هذه المنطقة (دارفور) وغيرها من مناطق التوتر في العالم  الإسلامي؟

< نحن عندنا واجبات متعددة :

في النقطة الأولى من خلال ما يجري من تشويش في حديثنا عن الذات، أولا نحن في حاجة أن نأخذ على يد بعض المغالين، وبعض من يشوهون صورة الإسلام وصورة الدعوة بممارساتهم وتصرفاتهم لكي نلتزم التوجيه الرباني الذي جاء في سورة الحجرات : {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} وفي آية أخرى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} فهذا الغلو ومظاهر التطرف هذه خضّدت من  عضد المجتمع، خاصة عندما يجيز البعض لنفسه أن يكفر سواه ويتهمه بالبدعة أو ما شابه ذلك.

النقطة الثانية: نحتاج إلى صياغة شخصية الأمة على قاعدة فكر المواجهة، ما دام التعدي على الأمة كلها متواصلا، فنحن نحتاج هنا إلى النفير وإلى أن ننفر كما قال الله تعالى : {خفافا وثقالا}  هذا يحتاج إلى التعبئة وإلى التحضير وإلى التجهيز وهذا لا يعني التجهيز الأمني والعسكري فقط بل أيضا التجهيز الفكري والاقتصادي والاجتماعي والصحي والبيئي والتعليمي أن نولد الصناعة في الأمة حتى تستطيع أن تواجه بالشكل الصحيح والسليم، لكن الأساس هو أن ننشد فكر المواجهة وأن نعتمد منهج المقاومة فهذه منالأمور الضرورية أولا، وبالعلم ثانيا، والوحدة ثاثا،  فالمبدأ هو المواجهة وعليها نستطيع أن نبني مشروعا متكاملا في كل موقع من مواقع الأمة، لكن لا يمكن لأي واحد منا أن يكون سلبيا ليس له دور فيما يجري، الواجب على الجميع تفعيل قوة التحدي الداخلية، فلكل أخ أو أخت أن يرسم لنفسه دورا حتى نستطيع أن نرد هذه الهيمنة القاسية علينا.

الموضوع يدور على مسألة الحوار : الحوار العربي الأوربي، والأمريكي العربي وغير ذلك فهذا أمر ضروري، فأساسا الإسلام يؤصل للحوار لكن بشرط أن يكون الحوار من موقع الند للند، من موقع الاعتراف بالآخر، فأنا لا أستطيع أن أحاور من يتجاهلني من لا يوافق على وجودي من لا يُقرّبي، فلا بد من وضع شروط، فهؤلاء الذين يريدون أن يحاورونا يتعاملون معنا باستعلاء رسموا سقفا لحركتهم ويريدون منا أن نلتحق بهم، نقول لهم كلا لنا شخصيتنا الثقافية، ونتحاور في إطار منجزات الحضارة والتقديمات المشتركة، واستقرار العلاقات الدولية فلكل شخصيته وبدون إلغاء شخصية الآخر.

يجب أن يخرج الاحتلال من أرضنا؛ من العراق وفلسطين وأن يوقفوا تآمرهم وأن يخفوا نهمهم، لأنه لا يستطيع المظلوم والمعتدى عليه أن يكون له قدرة تؤهله للحوار. وقبل ذلك أن يكون هناك تأسيس للحوار؛ عربيا وإسلاميا، لتتوالى بعد ذلك خطوات التعاون والتضامن كسوق عربية مشتركة، سوق إسلامية مشتركة، تفعيل المنظمة العربية للثقافية والعلوم والتربية، إيجاد قوة أمنية عربية محضة، هذه مؤسسات تؤسس للتوحيد والتضامن،ونحن اليوم نعيش في عصر التكتلات، لا مكان لدول صغيرة وتكتلات صغيرة.

فهذه أبرز الخطوط العريضة التي ندعو أمتنا للعمل في مستوياتها.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>