الإطار القانوني والنشاط المالي للأبناك الإسلامية وتميزها عن الأبناك التقليدية


ثالثـا: قواعد الوساطـة الماليـة وصيغهـا في البنوك الإسلاميـة والتقليديـة

د. عبد العلي بنيعيش(ü)

إن الوساطـة الماليـة تلعب دورا جوهريـا في اجتذاب فوائض الأموال المتواجدة لتعيد توظيفهـا لدى المستثمريـن من تجـار وصنـاع وفلاحيـن وأصحاب مهن حرة ممن يتوقف نشاطهـم على إيجـاد التمويـل الخارجي اللازم.

فالوساطـة الماليـة دورها الاقتصادي خطيـر لا يمكن التقليـل من أهميتـه، لأنها تحمـي المدخرات الماليـة من التآكـل، وتنقلهـا إلى ساحـة الاستثمـار والإنتاج التي تقوي الاقتصاد وتبنيـه، وهي تشجـع المالكيـن للأموال والمدخرين لتحريك كتلهـم الماليـة واستثمارهـا في مشاريـع إنتاجيـة تضمن لهم الربح وتراكم رؤوس أموالهـم.

وأمام فساحـة مجـال الوساطـة الماليـة نتعرض  إلى بعض ملامحهـا في المصارف التقليدية والإسلاميـة ثم سنعرض بعض الصيغ والاستخدامـات المالية للبنك الإسلامي.

>أ-  قواعد الوساطة المالية في المصرف التقليدي:

إن البنوك التقليديـة تعتمـد طرقـا معينـة في مهمـة الوساطـة التي تبتغـي من ورائهـا بالأسـاس تحقيق أعلى معدلات الربح، الربح السريـع وبينهـا:

1- الاعتمـاد على الفائـدة :إذ تجمـع الأموال من المودعيـن مقابل فائـدة أدنى لتجعلهـا في تنـاول المستثمريـن مقابل فائـدة أعلى وحاصل الفرق بين الفائدتيـن يمثـل عائـدا للبنك وبهـذا تحتمـي الوساطـة الماليـة بترسانـة الفائـدة المعلومة مسبقـا سـواء عندمـا يؤديهـا البنك للمودعيـن أو عندمـا يأخذهـا من المستثمريـن.

2- تمويـل البنك: يمول المستثمريـن بواسطـة عمليـة السحب على المكشـوف، أي أنه يمنح قروضـا دون الرجـوع إلى موجوداتـه وهو بهذا يساهـم في خلق النقـود. وعمليـة الإقراض هذه تتم أيضا بفائدة معلومـة مسبقـا.

3- اجتذاب الودائـع وتدخيرهـا في حسابـات مختلفـة، وهكذا يكون مبدأ الوساطـة يقوم بالأساس على الفائـدة أخذا وعطـاء واستثمـارا وتجـارة.

> ب- قواعـد الوساطـة في المصرف الإسلامـي:

يقـع الناس اليوم في حيـرة تجـاه كثير من مفردات المعاملـة المصرفيـة، ومنشأ هذه الحيـرة طبيعـة القواعـد التي يقـوم على أساسها المصرف التقليدي وعلى رأسهـا الاقتـراض والقرض بالفائـدة الذي يعد في نظـر الكثيـر “ربـا محرم” وحرمتـه من الضروريـات وهو من الكبائر بدليـل الوعيـد عليـه في أكثر من آيـة وتحريمـه بنص القرآن كما في قولـه تعالى: {الذين يأكلون الربـا لا يقومـون إلا كمـا يقوم الذي يتخبطـه الشيطـان من المس، ذلك بأنهم قالـوا إنما البيع مثل الربـا وأحل الله البيع وحرّم الربا}( البقرة : 275).

من هنـا انطلق الفقـه المصرفي الإسلامي يبحث عن الأشكـال والصيغ الشرعيـة التي لا تأخذ بعين الاعتبـار أي دور للفائـدة، وأهمها قاعدة المشاركـة في الربـح والخسارة، الذي تنتفي فيهـا علاقـات الدائن بالمديـن بالمفهـوم التقليدي من الأعمـال المصرفيـة الإسلاميـة. وأما بقيـة الأعمـال التي يقـوم إنجازهـا على أساس الأجر أو الربـح أو العمولـة، فإن المصارف الإسلاميـة والتقليديـة فيهـا سواء سنعرض أهمهـا في الفقرة المواليـة.

>ج- استخدامـات البنك الإسلامي وصيغـه:

يأخذ مبدأ المشاركـة في الربح والخسارة صيغـا مختلفـة سواء من ناحيـة جمـع أموال المودعيـن أو من ناحيـة استثمارهـا وتوظيفهـا وموارد تمويلهـا وسنناقشهـا على الشكـل التـالي:

>1- استخدامـات واستثمارات البنك الإسلامي:

إن موارد البنك الإسلامي المتكونـة من: الحسابـات الجاريـة، وحسابات التوفيـر، وحسابات الاستثمـار، إضافـة إلى الموارد الداخليـة من رأسمـال واحتياطـات وأرباح غير موزعـة. تستخدم وتستثمر في مجالات متنوعـة، تشمـل عدة عقـود معروفـةفي فقـه المعاملات، كالمضاربـة والمشاركـة والمرابحـة وبيع السهـم وغيرهـا، وأخرى جديدة لا تتعارض مع منطق الشريعـة الإسلاميـة، كالاعتمادات المستنديـة، والمشاركـة المتتالية وتمويل رأسمـال العامل وغيرها من الأساليب التي يمكـن للبنك الإسلامي أن يلتجأ إليهـا بقدر ما تسمح به القوانين المعمول بهـا ومقتضيـات أحكام الفقـه، لذا نأخذ بعض الأمثلـة على هذه الاستثمـارات:

> المشاركـة:

المشاركـة هي الصيغـة التي تمثـل أكبر درجـة في التزام البنك مع عميلـه. حيث أن البنك يمتلك جزءا معينـا من رأس مـال المشروع ويستفيد من كل الامتيازات التي يستفيد منها العميـل ويكون العائد الذي يحصل عليـه البنك مقابـل استخدام ماله هنـا متمثلا في أربـاح الأسهـم التي يمتلكهـا، كمـا له أن يستفيـد من فائض القيمـة (PLUS-VALUE) الناتج مع بيع الأسهم إذا ما حدث ذلك.

والمشاركـة أنواع نذكر منهـا اثنيـن علىسبيل المثـال:

> المشاركـة الثابتـة برأسمـال مشترك بحيث: “يكون رأسي المال مشاركة بين البنك والشريك بنسبة معينـة، ويشترط أن تـدار الشركـة وفقـا لأحكـام اللائحـة الأساسية للبنك ويتفق على كيفيـة الإدارة، تحدد العلائق بين البنك والشركـة من حيث التمويل والإشراف ومسالك الاتصـالات، تبقى حصـة كل طرف من الأطراف في المشروع ثابتـة- إلى حين انتهـاء الشركة (4*3].

*الشركة المتناقصـة والمنتهيـة بالتمليك تقـوم على أساس الاشتـراك في الرأسمـال بين الشريك والبنك. إلا أن البنك يتنـازل على حصتـه من رأس مـال الشركـة ببيعهـا إلى الشريك ليصبح هو وحـده مالكـا للشركـة ويتم هذا التنازل إما دفعـة واحـدة أو على دفعـات حسبما تقتضيـه الشروط المتفق عليهـا، وحسب طبيعـة العمليـة حيث يتمكن الشريك بشـراء حصص البنك بعد مدة معينــة.

> المضاربـة:

المضاربـة عقد بين طرفيـن: طرف يشارك بالعمـل وهو العامـل أو المضارب، وطرف يقدم الرأس مال وهو رب المـال على أساس أن يشتركـا في الربـح بنسبـة شائعـة، وإذا حدث أن كانت نتيجـة المشـروع خسارة، تقع الخسارة على رب المـال، والمضارب يتحمـل خسـارة عملـه، وهذا إن لم تكن يد للمضارب في هذه الخسارة، وأما إذا أهمل أو اعتدى…، فإنه يصبح ضامنـا للمال.

وتعتبر المضاربة أبعد الصيغ عن أنشطـة البنوك التقليديـة، وتعرف فقهـا بالقـراض، وقد تكـون ثنائيـة أو مشتركـة، مطلقـة أو مقيـدة. وتكون الصيغة العمليـة للمضاربـة بأن يقدم المدخرون وأصحاب الأموال أموالهـم إلى البنك الإسلامي بوصفـه صاحب الخبرة في توظيفهـا، فيكـون البنك بهذا في مقـام المضارب بهذا المـال، ثم تكتمـل العمليـة بأن يقوم البنك بدوره بتقديـم هذه الأموال إلى أصحـاب الخبـرة في الأنشطـة الاقتصاديـة المختلفـة، فيكـون في هذه الحـالة بمثابـة رب المـال ويكـون العميـل المستثمـر للمـال بمثابـة المضارب.

> المرابحـة:

المرابحـة من بين العقود التي يتم الاتفـاق فيهـا بين البائع والمشتري على ثمـن السلعـة على أساس ثمنهـا الأصلي الذي يكـون معلومـا لدى المتعاقديـن. ويتـم بيع المرابحـة بزيادة ربح معلوم عن الثمـن الأصلي المعلوم.

والبنك الإسلامي يستخدم بيع المرابحـة كأسلـوب من أساليب استثمـار الأموال المتوفرة لديه، وذلك في أغلب الأحيـان على شكـل بيع مرابحـة للأمر بالشـراء وهي تختلف عن الوكالـة بالشراء لغياب دفع الثمـن عند طلب شراء السلعـة، وعند هذا الطلب يحدد المتعامل مع البنك بعض الأوصاف والإجراءات، فمضمون هذه الممارسـة إذن، أن المتعامليـن يتقدمـون إلى البنك طالبيـن ما يحتاجونـه من أجهزة أو معـدات أو أيـة سلعـة أخرى قبل توفر الثمـن لديهـم، ويذكـرون وصفهـا وكمياتهـا. فيقوم البنك بشرائهـا، أو استيرادهـا من الخـارج على أساس الوعد من قبل المتعامليـن بشرائهـا بسعر تكلفتهـا مع زيـادة ربح يتفق عليـه. ثم يتفق على كيفيـة السداد: منها جزء مقدم يدفع عند طلبـه والباقي يدفع على أقسـاط شهريـة أو غيره.

وبيع المرابحة في البنوك الإسلاميـة عبـارة عن عمليـة مركبـة من وعد بالشراء، ووعد بالبيـع، وبيع بالمرابحـة، ويشترط أن تكون الزيـادة جزءا من الثمـن، لا يرتفع مقدارهـا إن حصل تأخير في السـداد.

> الإجارة:

وأما الإجارة فهي كعقد لا تتميـز بشيء يستحق الذكـر عن عقود الإجارة في المؤسسـات الأخرى، وهي تنقسم إلى عقد الإجارة العاديـة وعقد الإجارة والاقتناء. وهذا العقد يكـون مقرونـا بالبيـع في نهايـة العقد. وتسمـى هذه الصيغـة التمويليـة “الإجارة والاقتناء”.

وتماثـل هذه الصيغـة عقد التمويـل التأجيري المعمول به في البنـوك التقليديـة (LEASING) من حيث شـروط دفع الأقسـاط ومن حيث خيـار الشـراء في نهايـة العقد بالقيمـة المتبقيـة (VALEUR RESIDUELLE ). غير أن العقد الشرعي للإجـارة والاقتنـاء يختلف عن التمويـل التأجيري التقليدي بأن الأقسـاط المدفوعـة لا تقبـل الزيـادة نظير الأجل بل هي ثابتـة لا تتغير إذا حصل  تأخير عن السداد، كمـا أنها لا تحسب على أساس حصـة لواجب الكـراء وحصة للفائـدة، بل هي إقسـاط إجارة مجردة.

هذه أمثلـة لبعض الأساليب الاستثماريـة لدى البنـوك الإسلاميـة وهنـاك أخرى لم نتطرق إليهـا لضيق المجـال وقد نفصل كل واحدة على حدة في مقالات لاحقـة إن شـاء الله ومن بينهـا: المتاجرة-بيع السلع-الاعتمادات المستندية-إصدار خطـاب الضمـان والكفالات nبيع السلع-تمويل رأي المال العامل-المشاركة المشروطة-التمويل بالاشتراك في الربح والخسارة.

> 2- الخدمـات المصرفيـة للبنك الإسلامي:

نظرا لحداثـة إنشـاء المصارف الإسلاميـة، استفـاد البنك الإسلامي من بعض التقنيـات الفنيـة من البنوك التقليدية لإجراء بعض العمليـات وضبطهـا، لذا كانت هذه التقنيـات المستخدمـة تشـابه إلى حد مـا التي يقـوم بهـا البنك التقليدي وإن كانت بينهـا بعض الفروقـات ومن أمثلـة  ذلك:

> قبـول الودائع:

تتمثـل في إمكانيـة الإيـداع والسحب بواسطـة الحسابـات الجاريـة العاديـة دون مقابـل من كلا الطرفيـن، ويكـون الإيداع والسحب بمختلف الطرق من أوامر بالدفع أو بالسحب ومن الدفع نقـدا أو عن طريق الشيكـات.

وبطبيعـة الحال إن البنك الإسلامي يقدم كل ما يتعلق بالشيكـات وتسليـم الدفاتـر وغيرهـا من التقنيـات الحديثـة كاستعمـال أجهزة إلكترونيـة لمضاهـاة التوقيعـات (VERIFICATION  DES  SIGNATURES).

> صرف الشيك:

الشيكـات أوراق تصدرهـا البنـوك ليكتب عليهـا المودع أمرا يوجهـه إلى البنك ليدفع مبلغـا معينـا، فحقيقـة الشيك هي: أمر موجه إلى البنك من مودعيـن أودعوا أموالهـم في ذلك البنك.

فالشيك كما يبدو، أمر موجـه من المودعإلى البنك بدفع مبلغ معين لحاملـه، وعليـه فلا قيمـة ماليـة له، فنفس الصرف جائز بلا كلام، لكن بيع الشيك بعنوان البيع لا يجـوز لعدم وجود ماليـة له إلا إذا كان البيع قد وقع على ما للحامـل من ديـون على موقع الشيك ويجري فيـه حينئذ نفس الكـلام الذي يجري على الكمبيالـة وهذا ما يقبله البنك الإسلامي.

> تحصيل الكمبيالات وخصمهـا:

الكمبيالـة هي ورقـة تجاريـة تعتبر كوثيقـة يقدمهـا المشتري لبضاعـة إلى بائعهـا كاعتراف منه بديـن تجاهه لأجل معيـن، وذلك مقابل بيع البضاعـة، وهذه العمليـة يقبلهـا البنك الإسلامي، ولكن الإشكال الشرعي يقع عند خصم الكمبيالـة، لأنه يدخـل في حكم بيع الدين بالديـن، أي أن المستفيد من الورقة التجاريـة (الساحب) بدلا من أن ينتظر أجل استيفـاء الديـن الذي يستحقـه من المديـن (المسحوب عليـه) فإنه يتخلى عن دينـه لفائـدة البنك أو يبيع هذا الدين مقابل تسليم هذا الأخير إياه مبلغ الدين مسبقـا، منقوصـا من أجر الخدمـة أو العمليـة. ويستوفي البنك بعد ذلك مبلغ الدين كامـلا من المدين عند أجلـه.

والفقـه البنكي الإسلامي، لا يسمح تحويـل الديـن بغير قيمتـه الاسمية، وبالتالـي، فإن عمليـة الخصـم بمقابـل قد  تعد من قبيل الربــا.كما لا يقبل الفقـه البنكي، ما يطلق عليـه “كمبيالة مجاملـة”، لأنها لا تعبـر فعـلا عن وجـود قرض بينهمـا، لذا لا يجـوز بيعهـا لعدم ثبـوت ماليـة لهـا في نفسهـا ولعدم تعبيرهـا عن قرض واقعـي، والحاصـل لا يوجـد شيء في الواقـع حتى يبــاع.

> الحوالات:

هي العمليـات التي بموجبهـا ينقل البنك المـال من مكـان آخر. أم من حسـاب لآخر، ببنـاء على طلب عملائـه وشريطـة أن يقـوم طالب الحوالـة بإيداع المبلـغ المطلوب تحويلـه لدى البنك، أو أن يكـون له حسـاب جـار به يغطي هذا المبلـغ. ويكـون التحويل لفائـدة الشخص أو الهيئـة التي يحددهـا العميـل. والتحويـلات إما داخليـة أو خارجيـة ويتقاضـى البنك الإسلامي أجرا عن  هذه العمليـة لأنهـا مقابـل خدمـة.

> المتاجرة في العمـلات:

هي بيـع وشـراء العمـلات والصكوك المقومـة بعمـلات أجنبيـة سـواء بسعـر صرف ثابت أو متغيـر، وموحد أو متنوع، مقوم مبـاشرة أو عن طريق وسيط معيـاري كالذهب أو الدولار أو حقوق السحب الخاصـة. ولمـا كـان أصل هذه العمليـات الاستفادة من فروق الأسعـار بين مراكـز العمـلات الأجنبية في الأسواق العالميـة، بالإضافـة إلى تسهيـل عمليـات التبادل التجـاري، فإنهـا جائـزة ما كانت محققـة بالسعـر العاجـل (SPOTRATE) لا السعـر الآجل، وذلك سـواء كان التقابض يدويـا بالمناولـة أو حسابيـا بالدفتـر. وأصل استثنـاء التعامل بالعقـود الآجلـة أو القواعـد في بيع وشراء العمـلات (المتغيرة السعر) نهى النبي  عن بيع الأصنـاف الستـة من المـال بعضهـا ببعض بد إلا يدابيـد” أو هـاء وهـاء” وهو يدخـل في إطـار ربـا النسـاء.

> تأجيـر الخزائـن:

وأخيـرا، هنـاك ضمـن الخدمـات المصرفيـة تأجير الخزائـن الحديديـة مقابل مبلـغ مالي من المستأجر، والبنك الإسلامي لا يرى مانعـا شرعـا لتقاضي هذا الأجر لمشابهتـه تأجير البيت أو الآلة أو المتجـر.

مقارنـة واستنتــاج

وكخلاصـة لمختلف الأنشطـة التي يقـوم بهـا المصرف الإسلامي في بعض الأمـور يحمـل طبيعـة خاصـة ويتفرد بهـا بخاصـة بما يتعلق بالقروض والفائـدة. فالبنك التجاري التقليدي يقـوم بإتاحـة التمويـل اللازم للأنشطـة الاقتصاديـة المختلفـة في صـورة قروض نقديـة بفائدة ومقابل ضمانـات وعلى أسـاس موعد استحقـاق معيـن وعلى الجانب الآخر نجد المصـرف الإسلامـي تتميـز استخداماتـه بمبدأ المشاركـة في الغنـم والغرم، في الربح والخسـارة، بحيث لا يقـوم ببعض التوظيفـات مثـل التعامـل في الأوراق الماليـة ذات الفوائـد الثابتة (OBLIGATION) أوخصم الأوراق التجاريـة ومنح القـروض والتسهيـلات في صـورة نقديـة أو بسعر فائـدة محدد أو متفق عليـه.

ومن هذا المنظـور المتميـز، يكـون تأسيس العلاقـة بين البنك الإسلامي ومستخدمـي الأموال، لا تقوم على منطق الدائنيـة والمديونية، وإنمـا على علاقـة تشاركيـة تكامليـة بين البنـوك وزبنائـه، حيث أن البنك، وبالتالي أصحاب حسابات الاستثمـار معرضين من حيث المبدأ لاحتمالات الخسـارة، واحتمالات الربح وهي الأكثر ورودا في المصارف الإسلاميـة.

والبنوك التقليدية إذا استطاعت أن تسيطر على أسواق رأس المال في العالم العربي والإسلامي، فإن البنوك الإسلامية ومنذ نشأتها استطاعت أن تدخل السوق المالية كمنافس قوي، وحققت نتائج إيجابية خلال السنوات الأخيرة، مما حدا بالبنوك التقليدية إلى البحث عن وسيلة لجذب رؤوس الأموال الإسلامية، فلجأت إلى فتح نوافذ للمعاملات الإسلامية، فكان ذلك انتصارا للعمل المصارف الإسلامي وتأكيدا على نجاحه، ومع إقدام البنوك التقليدية على هذه الخطوة، وتيقنها من تعاطف الناس معها، يؤشر على بداية تحول اهتمام البنوك التقليدية بالأنشطة والأعمال المالية للأبناك الإسلامية

من هنـا أرى بأن الاهتمـام بالعمـل المصرفي الإسلامي ينبغـي أن يزداد ويتطـور خاصـة في المغرب، قبل أن يسبقنـا الركب ونرى جيراننـا الأجانب قد أخذوا به واستفادوا من مميزاتـه وخدماتـه وأساليبه الاستثماريـة وما ترخيص المملكـة البريطانيـة لإنشـاء المصرف الإسلامي على أراضيهـا يعتبر من بين الإرهاصات الأوليـة لسطـوع نجم المصرف الإسلامي في العالم الغربي.

وختامـا، نود أن تكـون هذه المقالـة قد مست بعض أجزاء جوانب الموضوع على أمل إعداد بحث آخر عن علاقـة الأبنـاك الإسلاميـة بالتنميـة الاقتصادية والاجتماعية والبشرية  في المقالات اللاحقـة إن شـاء الله.

مراجع

1- التـاجر وقانون التجارة بالمغرب، مجموعة قانون التجارة والأعمال، ط:1997، ص:83.

2-  لمزيد من الاطلاع ، انظر من أجل بنك إسلامي أفضل، ذ: عبد الرحمان الحلو، ط:1990،ص:60 n62.

3- جما الدين عطية، البنوك الإسلامية، كتاب الأمة، رقم،13،ص:58-76.

4-  قرارات مؤتمر المصرف الإسلامي الأول بدبي،” الاقتصاد الإسلامي”، م:1، السنة الأولى،1402-1982،ص:33.

(ü) أستاذ زائر بالكلية المتعددة الاختصاصات بتطوان.

موظف سابق بالبنك التجاري المغربي.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>