العجرمية نسبة إلى (عجرم) لم ترافق هذه المغنية.. بل سبقتها بعقود منذ كان أعداء الإسلام يخططون لاحتواء أبنائه, ومنذ كان الانفتاح السلبي على كل غريب مريب.. ولا يمكن تحديد بداية واضحة لظاهرة (العجرمية) في الأوطان الإسلامية فهي هنالك أقدم منها هناك.. وهي هناك.. أقدم منها هنا… ولربما كان من مظاهرها الدعوة الحارة المحمومة إلى خلع النقاب والجلباب و(الحايك) وارتداء (الميني) و(الميكرو)..
إذن فعجرم لم تكن إلا مخاضا لعجرمية كونية تفاعلت خصائصها وتجانست مقوماتها واتخذت أشكالا.. وإن كان محركها واحدا هو ذلك (اللوبي) العالمي الذي يتحكم في دواليب السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق وتتحرك في يده مفاتيح رأس المال العالمي من خلال مؤسسات الصحافة والنشر والسينما وبيوت عرض الأزياء ومسابقات ملكات الجمال ودور القمار والخمر..
وكأنني بالناس حينما حلت (العجرمية) بين ظهرانيهم بسلطة الفتنة والإغراء قد استفاقوا فجأة من سبات يناقشون شخص (مغنية النص) التي ملأت الدنيا وشغلت الناس مع أن العجرمية قديمة عندنا تبيض في شاشاتنا وتفرخ في شوارعنا وحفلاتنا وتتناسل على شواطئنا وفي مؤسساتنا التربوية وويل لمن أشار إليها بسوء لأنه سيهاجم بإثم التطرف والتعصب الأعمى.
وأصحاب العجرمية -أيها الناس- يدافعون عن بناتهم باسم الحرية الفردية إذا سئلن في المؤسسة التربوية: عن العري الفاضح أو التدخين..!
وأصحاب العجرمية يرمون الناس بالانغلاق والتزمت إذا بسملوا أوحمدلوا..!
وأصحاب العجرمية يعضون العلماء والفقهاء والصلحاء والسلف الصالح لكنهم يقدسون عجرم وجاكسون..!
وأصحاب العجرمية يدافعون عن حق النساء في العري ثم يغمطون المحجبات من ذوات الكفاءات حقهن في الوظيفة والاندماج في النهضة الاجتماعية..!
وأصحاب العجرمية يفرشون الأرض أموالا تحت أقدام مغنية عارية تحرض بنات الوطن على إبراز المفاتن لكنهم يحاربون المفكرين والمصلحين والأدباء..!
ولا يستنكف (العجارمة) من الاجتماع بالآلاف تحت الليل والبرد القارس ليتملوا بطلعة راقصة لكنهم لا يحضرون ندوة فكرية أو مداخلة نقدية أو محاضرة أو ملتقى شعريا لأن هذا من أمور العقل لا من أمور الحس.
وللعجرمية في كل بلد سدنتها وخدامها ولهم أساليبهم وصيغهم في الاستماتة في الدفاع عنها حتى وإن سبوا المصلين وقذفوهم بالحجارة وهاجموا العلماء والمجالس العلمية وحرضوا ضد الدين والمتدينين وجمعوا لحربهم العدة والعتاد..
حينما تبدت العجرمية سافرة في ساحة من ساحات بلدنا..! وبدا عند أقدامها (العجرميون), أثلج صدري أن تتعبأ الصحافة الوطنية الشريفة بتلقائية وبغيرة المؤمن مستنكرة الظاهرة التي مست أعماق هويتنا وأخلاقنا..
قلت في نفسي : مازال المغرب بخير، إنه إجماع شعبي على استئصال المفاسد.. هذا هو الوجه الحقيقي للمغاربة الشرفاء ولحداثة إيجابية فاعلة.
ذة.أمينة المريني