الحملة التنصيرية على المغاربة كانت دائماً، ولكنها اشتدت مع سياسة غض الطرف “وسلوك التسامح” الذي ينم عن خوف والتخلي عن أمانة الحفظ للدين وحماية الشباب المغرر بهم والطفولة التي لا تعرف عن دينها شيئا. ومن أهم مجالات التنصير “الأطفال المتخلى عنهم” الذين أصبحوا سلعة هامة للبيع والتهريب، وقد أكدت خبيرة في الطفولة الجانحة أن هناك سماسرة وسمسارات يتسلطون -ولا سيما النساء- على الفتيات الوالدات في المستشفيات العمومية زاعمات بأنهن قريبات المرأة التي تلد، وما أن تضع مولودها حتى تأخذ النفساء ومولودها ثم تختفي، والنفساء الحاملة من زنا تكون راغبة في التخلص من وليدها بأي ثمن.. وقد تأخذ السمسارة المولود وأمه وتبيعها، وقالت هذه الخبيرة إن المولودات البنات غالباً ما تباع لإعدادهن للدعارة.
ثم إن الهجوم المتنوع من الخارج وعملائه من الداخل يهدف أولا إلى تجفيف منابع التدين بالحملة على رموز الإسلام والدعوة الاسلامية والاصلاح الاسلامي، والدعوة جهاراً لانتزاع القداسة عن كل ما يمت إلى الإسلام بصلة والإشادة بالعملاء الذين أعدهم “الاستعمار” الجديد لبث الشكوك في نفوس الشباب الغِرِّ والجاهل بالاسلام وذلك بأسلوب، -زعموا أنه أسلوب- علمي مثقل بمصطلحات غامضة وبسيطة ومكرورة وجل الأجهزة الرسمية وصحافة مأجورة تزعم أنها حداثية تقدمية تروج لهؤلاء العملاء من الطابور الخامس (أي الجواسيس) والمبلغين والمفتين، ولا يمر أسبوع إلا وصور أولئك الجهلة المتقربين لأسيادهم بإفساد عقول الشباب والابتعاد بهم عن الاسلام والتدين..
وقد كان بالأمس قوم يزعمون أنهم لا يحاربون الاسلام وإنما يحاربون الأنظمة الفاسدة التي تستغل الاسلام وتختبئ وراءه، لذلك من الضروري من الهجوم على الأنظمة الفاسدة دون قصد النيل من الاسلام إلا أنالضرورة تقتضي ذلك..
واليوم أصبحت هذه الطوابير المأجورة المتزاحمة على أبواب أسيادهم الجدد بعد سقوط الأيدلوجيات وفضيحة تهافت وتفاهة تلك الأفكار والمبادئ والنظريات والفلسفات الفارغة التي سقطت بسرعة مذهلة، في عُقر دارها، ونحن في انتظار سقوط الهياكل النخرة التي ما تزال تدعم من الداخل والخارج، لكن دون جدوى لأن القوم خمجوا من الداخل واستولى عليهم حب الدنيا والتعلق بحياة الترف والبذخ والفساد. فما العمل؟ إن الذين يجأرون بالشكوى، هؤلاء هم العجزة والكسالى والذين يتمنون على الله الأماني.. إن تركيا يكاد يمر عليها قرنٌ من التتريك الدونمي (نسبة ليهود الدونمة) على يد الاتحاد والترقي الماسوني ثم بقيادة أتاتورك وها هي الآن تشهد نهضة اسلامية بقيادة بديع الزمان الشيخ سعيد النورسي وعلى يد جاعة التبليغ وعلى يد جماعات تربوية سلوكية عظيمة وعلى يد علماء أجلاء وعلى يد علماء شباب، والأغنياء ينفقون بسخاء على طلاب العلم وها هو حزب العدالة والتنمية يشق طريقه بحكمة وتُؤَدة مع نظافة اليد وطهارة القلب والترفع عن دنايا الأطماع والتهافت على الدنيا…
إنهم هناك لا يشكون، ولقد التقيت فتاة تركية هناك تدرس الدكتوراه في الاسلاميات بإحدى الجامعات الكبرى بأمريكا وسألتها عن حالة المسلمين في الولاية التي حيث هي، فأجابت بخير، وسألتها عن الاستجابة للإسلام فقالت : المهم أن تكون حكيماً في دعوتك.. هناك يكفي أن تكتب بحكمة وصواب ووضوح وأسلوب جميل واقعي يخاطِبُ الفطرة فترى الناس يقبلون على الاسلام عن طواعية ومحبة واقتناع.
فماذا نفعل نحن في المغرب؟
علينا أولا أن نقوم بمسح شامل لمواقع التنصير ودراسة أساليبه، ثم تنظيم قوافل الدعاة باستمرار والاتصال المباشر بالناس وتبيان حقائق الاسلام وفضح نوايا الكنائس الجديدة التي هي في خدمة الاستعمار وعلى المجالس العلمية أن تخرج إلى ساحات أقاليمها، وتقلل من الكلام وتكثر من العمل وتقوم بواجباتها، فهي مدعوة إلى ذلك، ولا تبقى تنتظر التعليمات من الوزارة، فالوزارة مكبلة بقيود لا تراها ولكننا لا نسيء الظن بها، فالعاملون بها منهم الصالحون وهم كثر والحمد لله، وما نظن أنهم يقيدون المجالس العلمية التي يجب أن تكون حكيمة وفعالة في نفس الوقت.
وعلى الدعاة إلى الإسلام أن يتعاونوا فيما بينهم كما أن زوايا التربية والسلوك يجب أن تنهض على أساس العلم والدعوة إلى الله بالتعاون مع الجميع مثلما نرى تباشير الخير في الزاوية الوزانية بوزان وهناك مقترحات أخرى، فما هي آراؤهم أيها الصامتون والمتكلمون؟.
د.عبد السلام الهراس