مع الصادقين – سلمان الفارسي 2/2


 راهب ينصح سلمان باتباع النبي:

يقول سلمان ] ثم ما لبث أن نزل به ما نزل بأصحابه من أمر الله، فلما حضرته الوفاة قلت له: إنك تعلم من أمري ما تعلم، فإلى من توصي بي، وما تأمرني أن أفعل؟

فقال: يا بني والله ما أعلم أن هناك أحدًا من الناس بقي على ظهر الأرض مستمسكًا بما كنا عليه، ولكنه قد أظل زمان يخرج فيه بأرض العرب نبي يبعث بدين إبراهيم، ثم يهاجر من أرضه إلى أرض ذات نخل بين حرتين، وله علامات لا تخفى؛ فهو يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل. ثم وافاه الأجل، ومكثت بعده بعمورية زمنًا .

 قدومه الجزيرة العربية:

مر بعمورية نفر من تجار العرب من قبيلة (كلب) فقلت لهم: إن حملتموني معكم إلى أرض العرب أعطيتكم بقراتي هذه وغنيمتي. فقالوا: نعم نحملك. فأعطيتهم إياها وحملوني معهم حتى إذا بلغنا وادي القرى غدروا بي وباعوني لرجل من اليهود فالتحقت بخدمته، ثم ما لبث أن زاره ابن عم له من بني قريظة فاشتراني منه ونقلني معه إلى يثرب، فرأيت النخل الذي ذكر لي صاحبي بعمورية وعرفت المدينة بالوصف الذي نعتها به، فأقمت بها معه.

وكان النبي  حينئذ يدعو قومه في مكة، لكنني لم أسمع له بذكر لانشغالي بما يوجبه علي الرق.

 إســـــــلامــه

ثم ما لبث أن هاجر الرسول  إلى يثرب فو الله إني لفي رأس نخلة لسيدي أعمل فيها بعض العمل، وسيدي جالس تحتها إذ أقبل عليه ابن عم له وقال له: قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم اليوم من مكة يزعم أنه نبي.

فما إن سمعت مقالته حتى مسني ما يشبه الحمى، واضطربت اضطرابًا شديدًا حتى خشيت أن أسقط على سيدي، وبادرت إلى النزول على النخلة وجعلت أقول للرجل: ماذا تقول؟ أعد علي الخبر. فغضب سيدي ولكمني لكمة شديدة، وقال لي: ما لك ولهذا؟ عد إلى ما كنت فيه من عملك.

ولما كان المساء أخذت شيئًا من تمر كنت جمعته، وتوجهت به إلى حيث ينزل الرسول ، وقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق من غيركم، ثم قربته إليه، فقال لأصحابه: كلوا. وأمسك يده فلم يأكل، فقلت في نفسي: هذه واحدة.

ثم انصرفت وأخذت أجمع بعض التمر، فلما تحول الرسول  من قباء إلى المدينة جئته فقلت له: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها. فأكل منها وأمر أصحابه فأكلوا معه.

فقلت في نفسي: هذه الثانية.

ثم جئت الرسول  وهو ببقيع الغرقد حيث كان يواري أحد أصحابه، فرأيته جالسًا وعليه شملتان، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره لعلي أرى الخاتم الذي وصفه لي صاحبي في عمورية، فلما رآني النبي  أنظر إلى ظهره عرف غرضي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي.

فقال رسول الله  : ما خبرك؟! فقصصت عليه قصتي، فأعجب بها، وسره أن يسمعها أصحابه مني فأسمعتهم إياها، فعجبوا منها أشد العجب، وسروا بها أعظم السرور.

أسلم سلمان وأُعتق وصار من أجَلِّ الصحابة وتولّى الإمارة في عهد الخلفاء الراشدين على بعض البلاد. ].

مــنــاقــبــه

يروى أن الرسول  وضع يده يومًا على سلمان وقال: ” لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من هؤلاء ” وأشار إلى سلمان رضي الله عنه.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>