خير الناس هو من مدد الله له في الأجل فأحسن العمل. قال رسول الله حين سئل : أي الناس أفضل، فقال: >من طال عمره وحسن عمل<(رواه الترمذي وقال حسن صحيح).
ولكن أعظم الناس من يصنع لنفسه العمر الثاني بعد مماته، قال الله : >الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني<(رواه الترمذي وغيره). فيصنع لنفسه أمجادا يخلد بها ذكره، ويستمر بها أجره، قال رسول الله : >إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له<(رواه مسلم).
بهذا يطول العمر ويستمر الأجر، قال : >من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة<(رواه مسلم). وهذا ما يقرره القرآن الكريم في قوله تعالى: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} أي ما خلفوا وراءهم من الأثر الطيب والحسن.
فلهذا نجد أن الإنسان عندما يعاين الموت أو القيامة يطلب تمديد الأجل للعمل، ولكن هيهات، فيقول: {ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين} فيجيبه الحق تعالى : {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون}.
فالبطولة الحقة تتمثل في القدرة على صناعة العمر الثاني بعد الفاني، وبذلك يدرك العبد البقاء بلا فناء.
ذ. عبد الحميد صادوق