كيف السبيل إلى التلقي الفطري الصحيح للقرآن الكريم؟


إن من أخطر ما دار على المسلمين الحاليين في العالم من فتنه حمراء وبلاء عظيم وهو سبب بارز قويّ رهيب على تفرقهم وتخلفهم بل وذلتهم وشقاوتهم : أن كل فرد أو فئة اختار من الدين الإسلامي -ذلك البناء الرصين المحكم المتين- ما يناسب هواه ورغبته وما يجاري عقله وشهوته. فهو بالتالي يدين بدين غير دين الإسلام في الحقيقة ويظن نفسه -ويا للطامة !-أنه على الحق وعلى الصراط المستقيم، بينما الحقيقة والواقع المشهود أنه لم يختر غير الطريق الذي يعجبه ويساير أهواء نفسه الأمارة بالسوء ظاناً منه -بما زيّن له الشيطان من تلقيناته الماكرة الدساسة- أنه على الإسلام الحق وليس هذا إلاّ الإسلام ذاته.

وتلك كارثة لا تصور وانحراف رهيب لا يمكن السكوت عنه ولا يسكت عنه لأنه الضلالة عينها والعماية عينها ، والجهل المركب عينه. فهو يتبع أوامر نفسه لا أوامر الله وهو يتماشى مع منهج هواه لا هدى الله ، وهو قد صنع لنفسه ولمن حوله ديناً غير دين الله الإسلام. فما جزاء من يفعل ذلك ! وما عاقبته من يتمادى في هذا الغيّ الغريب ؟ ومما يزيد الطين بلّة أنه لا يرضى أن ينصحه أحد فينتصح ولا يقبل أن يصحح له العارفون مساره لأنه لا يرى نفسه في خطر عظيم وتشويه للدين فظيع وتزيف للحقائق اليقينية بشكل لم يسبق له مثيل من قبل.

فياله من فهم للإسلام !

وياله من إتباع للطريقة المحمدية !

إذ جعل من نفسه جزيرة صغيرة مستقلة منعزلة، لا حقّ له على أحد ، ولا أحد له عليه حقّ.

وهكذا يعيش الجميع كل في جزيرة خاصة منقطعة الصلة عن بعضها مبتوتة العلاقة مع الآخرين.

فيا للهول ! ويا للكارثة ، بل ويا للمصيبة الكبرى!

أم هل نمضي فنثير قضايا حقوق الإنسان في العالم وما سبقه الإسلام في هذا المضمار الدول الحاضرة قروناً وقروناً.

أم نثير وضع المرأة المسحوقة المداسة في أعز كرامتها في الحضارة الحديثة واستغلالها أبشع استغلال ومعاملتها معاملة البهائم والأرقاء قديماً.. ولكن بأسلوب جديد وسياسة جديدة وفن جديد في سوق النخاسة والعهر المسحورة.

أم نثير قضايا إقتصادية والاستدمار -لا أقول الاستعمار- الجديد الأمهر في ميادين استعباد الشعوب والأقطار بحجج خبيثة ماكرة لا يتقنها إلاّ مدمّروا العالم ومفسدوه. أعني بهم بالطبع سرطان البشرية : اليهودية والصهيونية والصليبية.

أم نقيم معارض دولية عالمية أو محلية أقليمية للتعريف بالله رب العالمين سبحانه وتعالى بكل أسمائه وصفاته وشؤونه وسننه أو معارض فخمة ضخمة لمعجزات القرآن الكريم بآياته وبيّناته ويقينياته وآفاقه وفتوحاته.

أم نقيم معارض رائعة مبدعة للتعريف بالرسول الأكرم  في عظمة أخلاقه وعظمة علمه وعظمة معجزاته وعظمة أحاديثه وأعماله وآثاره وسلوكه في عصره وما بعد عصره إلى يوم القيامة.

أم نقيم معارض قيّمة لافتة للأنظار والأفكار لحقائق الإسلام وأنظمته ومناهجه وحلوله ومواقفه وفقهه وبطولاته وتحقيق سعادة الإنسان والجماعة والمجتمع والإنسانية.

أم نقيم معارض فريدة لبيان حقائق الآخرة ومصائر الإنسان ومراحله في رحلته الخالدة من ظلمات العدم المطلق إلى أنوار البقاء المطلق وأوصاف دار جنانها ودار نيرانها وأسرار الفناء والبقاء.

أم نقيم معارض صارخة لعدالة وعجائب الشريعة الإسلامية المنقذة وروائع تحقيقات آمال البشرية في الأرض في الصحة والأمن والتغذية والتقدم والارتقاء إلى درجات سلم المجد والحضارة إلى أقصى أفق ممكن وإلى أبعد سماء مقدّر.

فليختر كلٌ ما يشاء وكيف يشاء.

وليأخذ كلٌ ما يناسبه ويلائم واقعه أو ظروفه أو أحوال المسلمين في مجتمعه.

فهذا هو الحال. وهذا هو الجواب عندي وفوق كل ذي علم عليم والله عز وجل أعلم من كل عليم !

أم نثير أصناف البشرية كما جاء في القرآن بل في أم الكتاب ، أي : سورة الفاتحة. أنهم ثلاث طبقات-هذا ما يقرره رب العالمين الخبير اللطيف الخلاّق- جلّ شأنه وعلت حكمته :

ـ المتنعمون عليهم من المسلمين والمؤمنين والمتقين والصابرين والمحسنين والمجاهدين وغير هم. ثم المغضوب عليهم من الكفار والملاحدة والمنافقين والمرتدين.

ثم الضالين من المشركين والوثنيين والجاهليين.

فيا شيوخ الإيمان. ويا رجال الفكر. ويا رواد الدعوة. ويا فرسان البيان. ويا أرباب الشعر. ويا علماء الشريعة. ويا خبراء التربية. ويا أساطين الحضارة ! أغيثوني.

أغيثوني بربكم ، ولا تتركوني أتخبط في خطواتي وفي خطراتي ؛ فإن البشرية جمعاء في أخطر خطر ، وفي أشرّ شرّ منذ ظهور البشرية في هذا الوجود !

ذ. عابدين رشيد

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>