هناك أصناف من الناس :
صنف يعمل لله ولا يبالي بما يحيط به من عوامل الإحباط ودواعي اليأس وما يحل بالمسلمين من كوارث وقوارع، ولا يهمه إلا أن يبيت على نية إذا أصبح حيّا انطلق يخدم المسلمين قدر طاقته وما وسعه علمه وجهده وماله وجاهه، حتى إذا وضع رأسه على وسادته حاسب نفسه عن تقصيرها في خدمة المسلمين رغم ما بذل وغفلته عن ذوي حاجات لم يسأل عنهم رغم تطوافه هنا وهناك فاغرورقت عينه بالدموع وتضرع إلى الله أن يغفر له بعض تقصيره وسأله أن يعينه على ما عقد عليه نيته وعزم القيام به في الصباح الجديد لا يثنيه عن ذلك نكوص الناكصين ولا سخرية المستهزئين ولا صياح المثبطين ولا فرار الجبناء من الساحة ولا جبروت الجبابرة وطغيان الطغاة واجتياح المغول الجدد لبلاد المسلمين والفتك بأهلها من النساء والولدان والعجائز.
وصنف يعمل للمسلمين لكن إذا كانت الأحوال الجوية طيبة، والشمس مشرقة والحرارة معتدلة والدنيا ضاحكة مقبلة غير مدبرة حتى إذا اكفهر الجو ولمعت البروق وقصفت الرعود سرعان ما يخلع منه لباس العمل ويستبدل بها لباس الخمول والانزواء وهو يلهث دون جري ويعرق دون حهد ويظن أنه ” متهم ” ببعض ما يروج من اتهامات ويسأل الله السلامة من هذا الزلزال الجديد، مع أنه ما اقترف ذنبا ولا قارب خطيئة ولا أصاب أحدا بسوء.
وهناك من يظن أنه يخدم المسلمين وهو في الحقيقة لا يقدم لهم شيئا فهو لا يسير إلا وفق أهوائه مندفعا بحب الظهور في مجالات لا تفيد المسلمين من قريب أو بعيد وهؤلاء هم الآخسرون أعمالا.
وهناك الظالمون لأنفسهم الذين يعيشون في غفلة مطبقة وتيه أرعن يملأون أوقاتهم بالثرثرة ولغو القول يقرأون لغير هدف ويتحركون لغير غاية ويجلسون لقتل الوقت حتى إذا جمعت زبدة الجد من مخض حياتهم لما حصلت منها على طائل.
أما الصنف الأسوء فهو الذي يجهز على أمته وهي في صراع هائل مع أعدائها ويثير الفتنة خلالها ويعيث فسادا في مجتمعها ويسارع في الإيقاع بها وينشر الإحن بين أفرادها وجماعاتها ويفضح أعراضها بل لا يقصر في هتك أستارها ويعين الأعداء عليها ويدلهم على مواقع الضعف في أسوارها ويحفر للأعداء أنقابا للهجوم عليها ولا يألو جهدا في التحريض عليها وتثبيط عزائم شبابها وإفساد أخلاقهم ولا يقصر في نهبها وتبذير أموالها وإضعاف اقتصادها وعرقلة نموها. وهذا الصنف بدأ ينمو مثل الخلايا السرطانية في مجتمعاتنا العربية التي كانت مستبشرة بالقرن الواحد والعشرين وإذا بها تجد نفسها قد ارتدت بين عشية وضحاها إلى القرون المظلمة بل إن هذه القرون عادت إلينا أشد ظلاما وظلما بزعامة الدول الكبرى والأمم المتحدة والصنادق المعروفة..
فمتى يا ترى ينتصر المسلمون؟
ينتصرون إذا ما قوي الصنف الأول وكثر أتباعه وذلك بأن يتشجع الصنف الثاني ويتوب الصنف الثالث ويتعقل الصنف الرابع، أما الصنف الخامس فإنهم أقوياء بخلو الساحة من العاملين وغياب الكثير عنها، إذ الباطل مثل الظلام لا يسود إلا بغياب الحق والضياء…