كثيرة هي التفاصيل الصغيرة في حياتنا التي لا نعيرها اهتماما، ولكنها تترك آثاراً على أنفسنا..
في هذا العصر، حيث السرعة والأنانية والمادية، يفتقد الانسان إلى أذن صاغية، يبثها آلامه وآماله، لتنفيس كربه، أو رغبته في رؤية فرحته تنعكس على عيون الآخرين…
أصبحت الصدور تضيق بهمومها، وأصبحت الآذان تضيق بحديث الآخرين.. وأصبحت الهوة تتسع بين الآباء والأبناء، وبين الأزواج، وبين الأصدقاء، وبين مكونات المجتمع، فبردت العلاقات الانسانية إلى حد التجمد…
حسن الاستماع فن.. فقبل الحوار يجب أن نحسن الاستماع، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، استمع للمرأة، وللطفل، وللشيخ، وللمذنب وللكافر.. لم يصد عليه الصلاة والسلام أحداً، ولم ينهر أحداً.. كما نرى الآن، من قبيل : اسكت أنت طفل.. أو لا تسمع للمرأة ولا تعمل برأيها!
كيف غاب كل هذا عن ذلك الأب الطيب، الداعية، المربي الفاضل، وهو يشكو تمرد ابنته؟! تساءلت وأنا أستمع للابنة الشابة.
لا أحد يسمعني في هذا البيت، أبي دائما منشغل، لا يعيرني أدنى اهتمام، وإن تحدثت إليه، نهرني : أمك أمامك، قولي لها ما عندك!
أمي لا شغل لها إلا المطبخ، وإخوتي كل في حاله.
كان الكل يقول لي : أنت طفلة صغيرة، حمقاء! كبرت الآن، فلاحق لأحد أن يتحكم في تصرفاتي..
وانفجرتْ باكية : إني وحيدة غريبة في هذا البيت، لا أحد يسمعني هنا، بديهي جدا أن أبحث عمن يمنحني لحظة للاستماع!