شماتة!!

… أبدأ بما ختمت به مقالتي الأخيرة حول اغتيال شيخ الشهداء أحمد ياسين رحمه الله، لقد ذكرت  في نهاية المقالة بأن شارون ومن معه اختار توقيت اغتيال الشيخ أحمد ياسين بعناية فائقة اغتاله قُبيل انعقاد مؤتمر القمة العربي في تونس وبُعيد لقائه بالعاهل الأردني وأثناء احتفاله بذكرى لقاء كامب ديفد المشؤوم. كل ذلك حتى يقول للعالم، كل العالم، من مؤيديه ومعارضيه بأنه :

- يستخف بالعرب وبما يصدر عن مؤتمراتهم من قرارات.

- لا يريد سلاما مع العرب بل يريد خرابا ودمارا، فعلى الذين يراهنون على مشاريع تسوية مع حكومته أن يوفروا جهودهم. فالرجل جاء بمشروع استئصالي، ولا يؤمن بشيء اسمه السلام ولذلك تراه دائما يجهض جميع المحاولات التي تريد الإدارة الأمريكية “فرضها” عليه بعد أن تكون قد فرضتها على الطرف الآخر، فيصبح هذا الطرف الآخر من المبتهجين بها والمطبلين لها أكثر حتى من صانعيها أنفسهم.

فيأتي شارون فيقلب الطاولة على الجميع ويمضي متحديا الجميع، والويل والثبور وعاقبة الأمور لمن اعترض على شيء مما يفعل.

وما رده العنيف على الرئيس بوش إزاء بعض المؤاخذات اللطيفة إلا دليل على أن الثور هائج ولا أحد يمكن إيقافه عند حده. بالرغم من كل الدلال والعناية التي تحيطه بها الإدارة الأمريكية معرضة بذلك سمعتها ومكانتها للمزيد من الكراهية والتذمر من طرف الرأي العام العالمي ، خاصة العربي والمسلم منه.

فقد أظهرت أحدث استطلاعات الرأي في أوروبا أن أزيد من %60 من الأوروبيين يعتبرون أن اسرائيل وأمريكا يُهددان السلم والأمن في العالم ومنذ بضعة شهور خلت، رفع مجموعة من كبار المفكرين والمثقفين الأمريكان رسالة مفتوحة للرئيس بوش تحت عنوان : “عفوا” سيدي الرئيس لا تجعل من الشعب الأمريكي أكثر الشعوب كرها في العالم ونفس الشيء يقوله (السيناتور إدوارد كينيدي : “إننا نجعل من الامريكيين أكبر الناس كرها في العالم”

“ThE MOST HATED PEOPLE IN THE WORLD”).

في خضم هذا الوعي لدى الشارع الأمريكي والغربي بخطورة المشروع الأمريكي/ الاسرائيلي على الأمن والاستقرار في العالم، تأتي صفعة تأجيل مؤتمر القمة العربية في أحلك وأبأس مرحلة يمر بها العرب والمسلمون. يأتي “التأجيل” إلى أجل غير مسمى وأعناق العرب والمسلمين تشرئب إلى ما سيخرج به المؤتمرون على علاته.

ويفرح الصهاينة شماتة فينا ويَصدق شارون علينا وعده حتى أن العديد من الصحف الصهيونية اهتمت بالحدث أيما اهتمام وجعلته عنوانا “بالبنط” العريض في صدر صفحاتها، وقال أحد المسؤولين الكبار “إن تأجيل القمة العربية يثبت أن العقلية العربية بدأت تتغير”.

وأنا هنا لن أتطرق إلى الأسباب والدواعي الكامنة وراء قرار “تأجيل” القمة، فقد قيل فيها الكثير وتباينت حولها الآراء والتخمينات في ظل التعتيم الإعلامي المقصود في مثل هذه الحالات.

المهم فسواء “أُجلت” القمة أم “أجهضت” فالأمر سيان عندي. وما يهم أن الأمر وقع وشمت فينا الأعداء. المهم عندي أن القمة لم تُعقد والصفعة حلت مرة أخرى بالأمة وهي في أحلك ظروفها سوداوية ومسغبة وهوانا على الناس، وعلى رأي المثل الصيني “لا يهمني لون القطة ما دامت تأكل الفئران”.

فلا يهم لون اليد التي صفعت ما دامت الصفعة قد تمت. “فأنا مصفوع إذن أنا موجود”.

وكل قمة والأمة في تأجيل، أجارنا الله وإياكم من قهر الرجال وسوء المآل ومن ذل السؤال وضياع العيال ومن غلبت الجبناء وشماتة الأعداء.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>