حوار مع خبير المستقبليات الدكتور المهدي المنجرة


< أتقدم بالشكر للبروفيسور المهدي المنجرة الذي أتاح لي الفرصة بالتقائه ومحاورته، وهوالذي أبى دائما أن يبيع المبادئ وجعلها رأسماله الوحيد.

أود كما تود مجموعة من محبي الدكتور المهدي المنجرة معرفة النقاط الحساسة التي كونت شخصيته، كما نتساءل عن وضعيته العائلية الحالية .

> شكرا على زيارتكم، وأشجعكم لأنكم تمثلون الشباب الذي هومستقبل المغرب .

سؤالك على نقطتين، الثانية بسيطة جدا فأنا متزوج ولي بنتان الأولى متزوجة ولها طفلان وتدرس الهندسة المعمارية بالرباط والثانية باحثة في المكسيك . هذا الجانب العائلي .

أما النقطة الأولى فصعب على الإنسان أن يعرف ما الذي كونه، لأن هناك عدة عناصر جزء منها عفوي لم يكن مخططاً وأتى بنفسه، جزء آخر أظن أنه مهم جدا لكن للأسف صار دوره يضعف وهودور مناخ الأسرة والجوالذي تتربى فيه لأن هذا الأساس. فجميع الإختصاصيين في علوم التربية برهنوا على أن المثال والقدوة الحسنة هوجزء أساسي من التربية، فحسب البيئة التي تتربى فيها ترى أشياء في المعاملات والأخلاق تحاول تقمصها والتأسي بها وأن تتبعها في حياتك, وأيضا هناك المسار الذي يأتي بعد نهاية الدراسة في العمل . ومن هذا كله يبقى شيء هو الأساس : هل لك رؤية من صغرك؟ -رؤية- معناها هل لك طموح خاص، هل لك تركيز على نقطة معينة تريد أن تصل إليها، ما يسمى بالمقاصد . ولكل واحد داخل نفسه طموح ويجب أن يحققه ويُسَاعَد في تحقيقه، وأنا طموحي كان دائما في الميدان الفكري والمعرفة كغاية وكرؤية ووسيلة، لأنه كذلك في جيلي الذي كان يناضل من أجل الاستقلال والحرية، فهمنا في ذلك الوقت أن المفتاح الأساسي هوالمعرفة، ولهذا سرنا على أساس المعرفة، هذه بعض النقط وطبعا كان النضال أهمها وكان لي حظ في سن 15 سنة أن دخلت السجن لأسباب سياسية .

< وقعتالحرب كما توقعتم منذ سنين وسقطت بغداد في يد الإحتلال، ألقي القبض على معظم المطلوبين في النظام المخلوع وعلى رأسهم صدام حسين، لكن الو.م.أ خلفت وعدها للعراقيين بمنحهم زمام الأمر هل الوضع سيستمر على ما هوعليه  ومتى جلاء القوات الأجنبية من العراق؟.

> صارت الأشياء كما كان متوقعا لأن هناك هيمنة جديدة سميتها الميغا-إمبريالية الأمريكية نظرا للقوة العسكرية والإقتصادية التي تتوفر عليها، زيادة على ذلك يجب أن نعرف أن المنطقة التي يتواجد فيها العراق المنطقة العربية وبالأسف حكوماتها ومسيروها بدون استثناء ركعوا للإستعمار الأمريكي .

أما العراق فقد صار لها 6000 سنة من التاريخ وكان رأسمالها الحقيقي ومازال هوشيئان، أولا هناك موارد بشرية لها كفاءة ومن جهة ثانية لها ماضي فتاريخ العراق عريق، وثالثا هناك روح نضالية تتضح يوما بعد يوم، بالنسبة للسقوط فقد كان سقوط عمارات وشوارع.. لكن الشعب العراقي نفسه الذي يناضل لم يسقط ولن يسقط .

< الفدرالية العراقية أوإن صح التعبير العراق المقسم . ماهي الطرق والمناهج التي قد تسلكها الإدارة الأمريكية لنقل هذا المخطط من الأوراق إلى التطبيق الفعلي؟ وما هي الانعكاسات التي قد تعصف بالمنطقة بعد تطبيقه ؟

> هذا مخطط نسبيا ليس جديداً، فبعد الحرب العالمية الأولى انجلترا وبمساعدة من دول غربية أخرى فصَّلوا ما يسمى الشرق الأوسط، فبلدان جديدة لم تكن مثل الأردن ولبنان وسوريا، وبعد الحرب العالمية الثانية تشتت الخليج كله وصار دويلات لم تعرف من قبل، كان تأسيسها كلها لمصالح نفطية . فالسياسة الغربية الاستعمارية هي سياسة تفتيت وتشتيت، لأنه كلما قسم منطقة كلما سهل عليه التحكم فيها . والآن أظن أن هذه السياسة لن تنجح على الأمد الطويل لأن اختصاصي هوكل ما يمتد على أمد طويل، طبعا على الأمد القصير ستجد مرتزقة يدخلون الحكومات، وستجد نوعاً من الخيانة من طرف حكومات عربية ستتعامل مع هذه السياسة والأهداف الأمريكية، لكن هناك شعب عراقي وشعوب عربية مسلمة . وهذه ليست إلا فترة انتقالية ما بين ما صار وما وقع. هناك نقطة مهمة لم يتكلم عنها أحد وهي أن الضحايا وأعداد الضحايا قد وصل على الأقل 2 ملايين في العشر سنوات الأخيرة وخصوصا الأطفال بسبب مشاكل التغذية، هذه هي المشاكل الحقيقية، أما كون انتظار الإنسان أمريكا تأتي بشيء غير الضعف والظلم والعنف، فهذا وهم وحقيقة المحاربة الحضارية هي السبب والتي يمكن تسميتها بالحروب الصليبية، لأن الفئة التي تحكم في الو.م.أ كلها أصولية مركبة، فيها أصولية مسيحية وأخرى يهودية وصار الإرتباط بين الإثنتين . أظن أننا دخلنا ما أسميته الانتفاضة يعني أن الشعوب تنتفض وهذا لا يمكن أن ننتظر نتائجه في سنة أوسنتين، هذه مسألة جيل على الأقل لاستدراك عدة أشياء . لكن ذنوب بقية الدول العربية  ذنوب كبيرة بما فيها ما يسمى جامعة الدول العربية وليست عربية بل جامعة صهيونية استعمارية وكذا ما يسمى المؤتمر الإسلامي ليس له أي أساس إسلامي بحيث نرى قمة بعد قمة هي قمة خيانة ورجوع إلى الوراء وعدم الكرامة، أظن أن مفهوم الكرامة كان من الميزات الكبيرة عند الشعوب العربية المسلمة والإسلام جاء ليدافع عن كرامة الإنسان لكن فقدناه. ومن جهة أخرى أصبحنا نعيش إهانة مركبة، إهانة من طرف حكوماتنا، وهذه الحكومات أيضا تحس بإهانة من طرف الغرب والدول الكبرى .

< اتهمتم منظمة اليونسكوبسرقة الآثار العراقية وتسهيل بيعها وأكدتم توقيعكم اتفاقية تمنع هذه الأعمال الإجرامية ضد التراث الإنساني القديم، هل هذا يعني أن المنظمات التابعة للأمم المتحدة أصبحت هي الأخرى قطعة عجين في يد فرعون العصر يتلاعب بها في أي وقت وحين؟ .

> أولا هذه قضية التخطيط الأمريكي أوغيره، وعندما كتبت قال الناس بالغت، قلت : حتى ذلك الموقف الذي كان خلال الحرب القذرة ضد العراق من طرف الإدارة الفرنسية والألمانية مخالف، لكن تلك استراتيجية مؤقتة وألعوبة فيها مصالح أخرى، والآن يوماً بعد يوم نرى أن آراء الغرب هي المتفوقة، فهذه حرب حضارية والقيم صارت هي أساس الحروب والنزاعات، هذا موقف عندي أدليت به للإذاعة الفرنسية سنة 1980م في برنامج “Les dossiers de l’écran”.

وقلته في اليابان عام 1981م، قلت في عدة كتب إن الدفاع عن القيم صار هوالأساس، يجب على الشعوب أن لا تدافع لا على اقتصاد ولا بترول بل الدفاع عن قيم معينة، والحضارات بالقيم لها وزن وتتحرك، لكن اليهودية والمسيحية لها أزمة من ناحية الخلق الإبداع وحتى من الناحية الديمغرافية . إذن هذا هوالسبب ليس العراق فقط، إذ لا يسمح لبلاد عربية مسلمة أن يكون لها خبراء وتكون لها كفاءة لمحاربة الجهل و…

أما فيما يخص اليونسكو فأنا لم أقل هي التي سرقت، لكن اتهمتها بعدم التحرك، هي عندها دور عالمي في ميدان الثقافة والحضارة، كان يلزم عليها مثل الشرطي أن تحرك العالم وتقول إن ما يحصل هناك خطر، وأن ترسل أناساً حتى لوكانوا متطوعين للدفاع عن التراث الثقافي والإنساني العريق، لكن العكس هوما حصل كان هناك نوع من التعاون بعدم الحركة، لأن هذه الحركة السلبية تصير إيجابية بالنسبة للموقف الأمريكي، والخلاصة في سؤالك طبعا نظام الأمم المتحدة بما فيه من جمعيات بما فيها اليونسكووالمنظمة الخاصة بالطاقة النووية يمكن استثناء شيئا ما المنظمة العالمية للصحة، أما البقية فكلها صارت في يد الهيمنة الاستعمارية الأمريكية بمساعدة دول غربية أخرى .

< بكم يقدر عدد الاثار العراقية التي سرقت حسب اطلاعاتكم ؟

> والله لا أدري، للأسف التقرير الأول حدد  ما بين 20 إلى 30 ألف قطعة ومن بعدما رجعت بعض القطع صارت 10 آلاف، لكن ليس هناك أرقام صحيحة . وكان يجب على اليونسكوأن تتبع كل ما وقع للقطع الأثرية . نظام المتاحف في البلدان العربية هناك دولتان متقدمتان في هذا المجال هما العراق ومصر، إذن كل الأشياء كانت منظمة وكل الأشياء كانت محصية وكل الأشياء كانت منها نسخ . لكن ومع الأسف حتى إذا دخلت موقع اليونسكوعلى الأنترنيت لن تجد أي شيء حول هذه القضية والأمريكيون أنفسهم لم يتكلموا عنها بل أتوا بالناس الذين كانوا خارج العراق ليعملوا ضد مصالح بلادهم كمرتزقة فصار حكم الإرتزاق داخل العراق، لكن من قبل كانت مشاكل داخلية وربما دكتاتورية، لكنها دكتاتورية عراقي على عراقيين إذن هذا شأنهم . الآن صار تدخل من الخارج يشجع كل ما هوسلبي، يشجع العناصر التي منها ما هومتواجد فيما يسمى مجلس الحكم المؤقت المحكوم على بعض أعضائه في محاكم عدة بسرقة أموال كبيرة .

< عاينا موقف الجامعة الدول العربية خلال الحملة الإرهابية على العراق . ما هومستقبل هذه المنظمة في ظل التعجرف الأمريكي وكيف ستتصرف إذا هاجمت الحملة الصهيو-أمريكية بعض الدول العربية المجاورة ؟

> للأسف أرجع للوراء، أنا أطروحتي للدكتواره في جامعة لندن فيها 600 صفحة سنة 1958م وتحليلي لنشأة جامعة الدول العربية، كتبت أنها آلة استعمارية، وأن خلق الجامعة العربية جاء من بعد خطاب ” إيدن ” الوزير الأول الإنجليزي سنة 1942م، وكل الذين سيَّروها تقريبا كلهم كانت لهم علاقة بالاستعمار . إذن جامعة الدول العربية لعبت دائما دورا استعماريا والآن الأمر واضح لأنه منذ سنين ومن البداية كانت الجامعة العربية ملحقاً لوزارة الخارجية المصرية ولما صارت وزارة الخارجية المصرية ملحقاً للبيت الأبيض والبنتاغون فلا شيء ننتظره من جمعية مثل هذه .

> ننتقل للموضوع الذي كتبتم عنه كتابكم ” عولمة … العولمة ” . يجب أن يكون لنا نحن سكان العالم الثالث موقف رافض للعولمة، لكننا نلاحظ بعض المفكرين يدخلون في مقارنة بين عولمتين : الأولى عنوانها منتجع دافوس السويسري في أحضان ثلوج جبال الألب ويسمونها المتوحشة والثانية محلها مدينة “بورتوأليگري” تحت أشعة شمس البرازيل الدافئة وهي البديلة . ما تعليقكم على هذا ؟

> فيلسوف فرنسي قال إن الحروب القادمة حروب لغوية وحسب الألفاظ، إذا فرضت عليك معنى كلمة معينة هذا بداية استعمار جديد وحقيقي، وكلمة عولمة كلمة شريفة، والإسلام نفسه جاء كحركة عولمة بحيث ليس هناك حدود ولا تفريق ولا تشتيت،لكن من بعد الغرب تطور لدرجة خلق ما يسمى الدولة وشتَّتَ، لكن الآن نرى العكس فأوربا تحاول التوحد وخلق مجموعة خاصة بها، بينما نرى العالم الثالث كله مقسماً، إذن لما أتت أمريكا بكلمة عولمة، أتت بها بقصد معين، فحقيقة لما تحلل ما هي العولمة ستجد أنها هي الأمركة وفرض القيم والرؤية والأكل والموسيقى … هذا ما يسمونه في الو.م.أ “softpower” يعني هذه القوة الحنينة وهي وسائل أكثر تهذيبا وفيها لطف وهي المستعملة بكثرة إلى جانب ما نراه في العراق وغيره، والواقع أن هذه العولمة لم تكن لتتقدم لولا التعاون الذي وجدته من طرف عدة حكومات خصوصا في العالم الثالث، وكضغوط نرى أن جميع الدول تنازلت عن حقوقها . أما الإتفاقية التي يتكلمون عنها، المنطقة الحرة ما بين المغرب والو.م.أ هذا خطأ كبير يمكن أن نقول إن هذا حمق اقتصادي، في وقت الضعف الذي أنت فيه تأتي مع عملاق مثل أمريكا وتقول إننا في نفس المستوى، هذا فيه نوع من عدم المسؤولية .

أما فيما يخص دافوس وبورتوأليگري، فالان في بومباي هناك اجتماع ورد فعل لبعض المناضلين الذين يحاربون الهيمنة كيفما كانت، ومؤتمر دافوس معروف بأنه مؤتمر استعماري اقطاعي رأسمالي ومن القلائل من يعرف أنني استدعيت مرتين كضيف ورفضت قائلا أنه يصعب علي الذهاب لدافوس نظرا لمواقفي ثم قالوا لي في الرسالة الثانية نحن نستدعيك لإعطائك مجالاً للتعبير, لكني رفضت لأني أعلم أن أي أحد يذهب لهذا المكان فله شيء يبيعه في جوسريالي يتناقض مع المشاكل الحقيقية التي يعيشها العالم كالفقر والمجاعة والمرض …

< بصفتكم خبيرا في المستقبليات ما هومستقبل الإمبراطورية الأمريكية ؟ وإلى متى ستمتد أمركة العالم ؟

> كتبت عام 2000م في كتاب باليابانية يتحدث عن حرب أفغانستان  الحرب الحضارية الثانية ونهاية الامبراطورية التي انطلقت منها هذه الحرب، عام أوعامان من بعد ظهر كتاب ل” إمانييل طود ” اسمه ” ما بعد الإمبراطورية “، لنرجع إلى الأمريكان أنفسهم فالرئيس كلينتون سنة 1999م قال في برنامج تلفزي أمريكي إن بلاده كقوة عظمى سيصير لها حد ونهاية قريبة وأن من بعد 10 سنوات سنرى الصين كأول قوة اقتصادية وبعد ذلك سنرى الهند . فالقوة الأمريكية مبنية على شيئين أولا الأسلحة فهي قوة عظيمة في الأسلحة أما البحث العلمي ثلثاه في ميدان التحطيم والهدم، لهذا هم يحتاجون لحروب من أجل تجربة تلك الأسلحة، الشيء الثاني هوأن لها الحرية أن تتصرف في الإقتصاد العالمي وأن تخرق جميع القوانين الموجودة في ميدان المالية الدولية لدرجة أن لها 500 أو600 مليار عجز في ميزانيتها ولكن مع ذلك فهي مسايرة، وقيمة الدولار تنخفض بسرعة وتشجع مبيعات البضائع الأمريكية لكن تبقى هذه تفاصيل ثانوية، أظن أن هنالك مؤشرات لعالم جديد ممكن بعد 30 أو40 سنة.

< مقاطعا : هل عالم أفضل أم …؟؟؟

> طبعا أفضل وهوأَلاَّ يبقى عملاق واحد وقوة واحدة تتصرف في العالم، فهذه هي الدكتاتورية الكبيرة : القوة كلها في يد دولة، وتلك الدولة في يد جماعة معينة وعلى رأس هذه الجماعة شخص معين يتصرف في العالم بأسره . لكن مرة أخرى أقولها آسيا ستأتي كعملاق اقتصادي وكشيء جديد يمكنني تسميته نسيماً ونهضة فيما يخص الإسلام، بحيث ثلثا المسلمين في اسيا وإسلامهم مبني على معرفة أكثر ونسبة أمية قليلة، إضافة إلى نشاط فكري وأبحاث علمية . وأنا لما أقول رأي مبني على التفاؤل في الأمد الطويل فهومبني على التشاؤم في الأمد القصير بحيث أنني متشائم جدا فيما يخص الخمس سنوات المقبلة بالنسبة للعالم العربي والإسلامي والعالم الثالث، لكن بعد ذلك سيأتي التغيير .

< كيف تنظرون للمغرب في أفق العشرين سنة المقبلة على مستوى التطور الفكري والثقافي وكذا من الناحية الإقتصادية والإجتماعية ؟

> عندي دراسة عن مغرب 2020 كتبتها منذ عشر سنوات بامكانك العودة إليها فهي موجودة على شبكة الأنترنيت  www.elmanjra.org.

أظن أن الأزمة الكبيرة في المغرب هي الجهل والأمية وإذا لم نعط القيمة للموارد البشرية سنبقى متأخرين، ثانيا النموذج التنموي، ما هوالنموذج الذي نبني عليه التنمية ؟ وهذا ما هومفروض علينا من المساعدة الفنية من البنك العالمي ومن الخارج، وليس نموذجاً مبنياً على الذات، وحسب تجربتي وحياتي كلها في مجال التعاون الدولي ومع منظمة الأمم المتحدة، أن هناك ضرراً كبيراً من ما يسمى المساعدة الفنية المالية وغيرها، لأن التعاون شيء أنا في بلاد وأنت في بلاد ونتبادل الخبرات، لكن أن أقبل مشاريع مفروضة علي… ولهذا نرى أن هذا النموذج لم يأت بأي نجاح في أي بلاد لأنه غير مبني على الإعتماد على النفس أولا وبعد ذلك التعاون .

< يقال إن كرسي الحكم السفياتي والأمريكي والعربي جلسوا في حوار فبدأ الكرسي السفياتي يعدد الرؤساء الذين جلسوا فوقه ونفس الأمر للأمريكي غير أن العربي بقي ساكتا في حزن ثم قال أما أنا فالسيد …. يجلس فوقي منذ سنين ومازال… هذا يظهر أن  الأنظمة العربية دكتاتورية، من وجهة نظركم هل النموذج الجورجي هوالأصلح  للإطاحة بهذه  الأنظمة أم مسلسل الدماء كما نتابعه في الجزائر هوالسبيل لفك العقدة ؟

> يجب أن لا نخطئ فالنموذج الجورجي له أساس وله نزاع مع روسيا ويلقى مساعدات من طرف الو.م.أ والدول الغربية التي تخشى توسع بعض البلدان المسلمة فهم يستعملون جورجيا كحد ورقيب لبقية التيارات .

ومن جهة ثانية النموذج الذي يأتي من أجل التغيير ليس ضرورياً أن يكون بالدم، ولكن الواقع إلى حد الآن الأنظمة العربية التي أتت كلها فيها نوع من الدكتاتورية، يمكن أن درجة الدكتاتورية تتفاوت من حاكم لآخر، وما دمنا نعترف أن السلطة ومشروعية الحكم يجب أن تأتي من الشعب، ليس هنالك تجاوب وتواصل مع حقيقة القوة الموجودة في الشعب وأتكلم عن الشعب ولست شعبوياً ولست ديماغوجياً ولست رجلاً سياسياً، لأنه ليست هناك رؤية في البلدان العربية ولا يمكن أن تكون بدون حرية وتبادل الآراء والاجتهاد وكذلك الإجماع، هذه أشياء ستأتي لأن الفشل وصل لدرجة أننا لا يمكن أن نبقى على نفس السيرة .

< إذن أنتم مع النموذج الجورجي وتعتبرونه هوالأصلح ؟

> قلت لك أنه لا يمكن أن أتناقض مع نفسي، فعندما قلت إن هناك خطأ في النموذج التنموي وهوتقليدنا الأعمى نريد أن نتبع خطى الغرب، وأنا لا يهمني نموذج جورجي ولا أي نموذج آخر، إذا كنتُ في المغرب يجب أن يكون لي نموذج مغربي يساهم فيه كل المغاربة من جميع التيارات بجميع الأفكار .

< الصحراء المغربية جوهر الصراع المغربي الجزائري، فما رؤيتكم لمستقبل النزاع وما هي الحلول المقترحة  المرضية لكلا الطرفين ؟

> بصراحة، طبعا كل واحد منا يؤمن بوحدة التراب الوطني وأنا ضد التفتيت والتشتيت وضد خلق أي دول جديدة بل العكس أفضل، أن يكون هناك اندماج بين المغرب والجزائر وتونس ومورتانيا مثلا .  أما كيف صارت المفاوضات في قضية الصحراء فهذه الأشياء أجهلها ولما أجهل الأشياء لا أزيد في التحليل غير التحليل العمومي والذي هوأننا جميعا من أجل وحدة التراب الوطني .

< هل تتوقعون حدوث أحداث إجرامية مشابهة لما موقع في 16 ماي بالبيضاء، ما هي الموازين التي تعتمدون عليها في مثل هذه التوقعات؟

> لا يريد الإنسان أن يتوقع العنف، وحياتي كلها ضد العنف كيفما كان ومن أين أتى، وأحيانا الحكم نوع من العنف ومعاملات المسؤولين مع السكان في مناطق من البلاد هو عنف إداري . إذا لم نرد أن تتكرر تلك الأحداث يجب علينا معرفة أسبابها، هناك فقر وفوارق تزداد يوما بعد يوم ما بين الغني والفقير، الجهل يزداد بحيث عدد الأميين الآن وصل لعدد سكان المغرب في فترة الاستقلال، إذا كل الأشياء التي تخلق فوارق داخل المجتمع هي سبب، ومن جهة أخرى صار عدم الاهتمام الكافي أوعلى الأقل احترام بعض القيم الموجودة في البلاد من طرف بعض الناس في بعض المواقف والتصرفات يشكل نوعا من الهجوم الحضاري والثقافي بالخصوص مساير لغربنة وأمركة البلاد .

< ما النصائح التي بإمكانكم إسداؤها للشباب المغربي خاصة والعربي عامة من أجل تكوينهم بطريقة تمكنهم من الدفع بعجلة العالم العربي إلى الرقي والازدهار وخفض مستوى الهوة بيننا وبين الغرب ؟

> أن يهتموا بالمعرفة والبحث والدفاع عن المبادئ الأساسية مثل كرامة الإنسان، أن يحاربوا الإهانة، أن يحرصوا على التواصل الثقافي الحضاري، وأكثر من كل شيء المعرفة المعرفة المعرفة .

< قلتم أن الجيل الذي سيحمل المسؤولية في مغرب الغد سيكون جيلا أقل إحساسا بعقدة النقص، ما تفسيركم لهذا ؟

> أظن أن هذا لأسباب ديمغرافية فقط لأن جزءاً كبيراً من مركب النقص الموجود عند النخبة التي عاشت فترة الاستعمار، والاستعمار لما يذهب تحسب أنه ذهب لكن في الواقع هومعك أكثر مما كان عليه، وهناك جيل تائه لا يعرف نفسه هل هوعربي أم أمازيغي أم مسلم أم علماني …، وهذه فترة انتقالية وفي المستقبل الأجيال ستتحرر من عقدة الاستعمار الماضيوتعمل من أجل المستقبل وبناء مناخ آخر فكري وثقافي وعلمي .

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>