نافذة المرأة المسلمة – الله مولاناولا مولى لكم


كثيرا ما تمرعلى الانسان ـ كل إنسان- لحظات ضعف واستكانة وانكسار، إن بسبب وإن بدون سبب. فيحتاج إلى حبل متين يمسك به، وإلى من يتفهم ما بداخل أعماقه.

فالمؤمن يعرف الطريق جيدا، ويعرف العنوان ولا يمكن أن يتيه عنه. طريق الله الذي يسبر أغوار نفسه.

{يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} فيالها من نعمة عظيمة، أحسست بها إحساسا عميقا. ثم ما لبث أن اكتسح خاطر كل كياني تخيلت فيه كيف لوأنْ ليس لنا رب عظيم رحيم كريم عليم نلجأ إليه ونبوح له بما في أعماقنا ونشكو له ضعف قوتنا، لا يمكن لي أن أصف لكم مدى التعاسة والشقاء بل والاختناق الذي شعرت به. فأدركت تمام الإدراك أن أعظم وأكبر وأغلى نعمة نمتلكها هي أننا مربوبون لرب رحيم قوي عليم. وتذكرت تلك القولة التي قالها رسول الله  لأصحابه كشعار يرددونه في إحدى الغزوات : الله مولانا ولا مولى لكم. {ذلك بأن الله مولى ا لذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى  لهم}(محمد : 12)

فزاد اعتزازي بهذا الحبل المتين الذي يربطنا بالله رب الأكوان ورب الإنسان. ووجدت أن مطلق السعادة في مدى متانة وقوة هذه الرابطة. ثم في المقابل شعرت بالشفقة على أولائك الذين حرموا أنفسهم هذه العلاقة. وعلمت أن غياب هذه العلاقة هي التي تجعلهم أشقياء من حيث لا يدرون، التمست بعض العذر في قلقهم وتوتراتهم وضيقهم وانفعالاتهم لأنهم يشعرون بشيء ينقصهم ولكنهم لا يدركونه أو يدركونه ولكنهم يتجاهلونه. {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره حرجا كأنما يصعد في السماء}(الأنعام : 126)

فمن ثمرات هذه العلاقة أن الانسان يكتسب صفات كثيرة مميزة تجعله يقف على  أرض صلبة لأنه آوى إلى ركن شديد يصبح قويا لأنه يستمد العزة من الله {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} ويشعر بالأمان لأن الله يحوطه بكنفه {فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} ويصبح مبصرا غير أعمى لأنه يبصر طريقه وإلى أين ينتهي به هذا الطريق {أفمن يمشي مكبا على  وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} هذا الذي يمشي مكبا على وجهه وجه وجهه إلى  التراب والطين فلا يعيش إلا من أجل التراب وفي سبيل التراب {إن الذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى  لهم} محمد

ومن ثمرات هذه العلاقة أيضا أن الانسان يكتسب ملكة تجعله يرى الأشياء على حقيقتها لا مقلوبة منكوسة. فكم سمعنا من إفساد سمي إصلاحا ومن منكر سمي معروفا، فهؤلاء انقلبت لديهم المفاهيم وتغيرت عندهم الموازين {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} فاطر. {قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} الكهف. {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}

ومن ثمراتها أنهم يخرجون من الظلمات إلى النور: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولائك أصحاب النار هم فيها خالدون} ظلمات الجهل، ظلمات الشرك، ظلمات العبودية والطاعة والولاء لغير الله.

إنها ظلمات مهما سماها أصحابها بأسماء لامعة براقة.

ومن ثمراتها أيضا أن الإنسان يصبح مسؤولا ذا هدف في الحياة بعد أن كان تائها يخبط خبط عشواء : {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} ومن ثم تصبح حياته ذات قيمة وذات معنى.

فيا أيها الذين ينشدون السعادة في غير كنف الله، ويا أيها الذين تخدعهم المظاهر الكذابة الموقوتة، ما يعدكم الشيطان إلا غرورا، ويا أيها الذين يفرون من الله، مهما فررتم، ومهما سوَّفْتُم ومهما منيتم أنفسكم لابد راجعون إلى الله قسرا {ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين} الذاريات

فاطمة الفتوحي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>