من المسؤول عن ضعف التعليم في الفرعيات؟!!


يعاني التعليم في البوادي المغربية من مشاكل متعددة تؤثر على مردوديته وتفسر النتائج الهزيلة والمستوى المتدني الذي يكون عليه أغلب التلاميذ الوافدين من هذه البوادي خصوصا الفرعيات التي تكون فيها ظروف العيش صعبة والتي يكون المعلم أول المتضررين منها.

فإذا كان من الواجب على المعلم أن يبذل جهده ويعمل ما في وسعه من أجل تربية وتعليم الأطفال الذين تحمل مسؤوليتهم أمام الله تعالى وأمام الناس. فإن بعض المعلمين ـ ولا أقول الكل أو الأكثرـ عفاهم الله وهداهم يهملون واجبهم ويفرطون في الغياب بأسباب وبدون أسباب، بشواهد طبية مزورة وبدون شواهد، بل إن البعض منهم لا يحضر إلا ثلاثة أو أربعة أيام في الأسبوع. وذلك لبعد المدرسة عن أعين المراقبة الإدارية ووعورة المسالك المؤدية إليها، ولتقصير المدير في أداء دوره.

إن ما قلته لا يعني أن المعلم هو المسؤول عن هذه الوضعية المزرية، بل العكس أستطيع أن أقول إنه ضحية  الإهمال والتهميش الذي تعانيه المناطق غير النافعة في نظر السلطة السياسية. إن ما يقلقني هو وجود بعض الطاقات من التلاميذ التي تهدر وتضيع بسبب سوء الأوضاع في البوادي والفرعيات. مما يجعلنا نطرح السؤال الكبير؛ من المسؤول عن هذه الوضعية غير الطبيعية؟ هل هو المعلم وحده كما يعتقد البعض أو الأكثر؟ أما هناك أطراف أخرى تساهم وتتحمل جزءا من المسؤولية؟

أعتقد أن القضية معقدة وتشترك فيها أطراف متعددة منها المعلم والأب ومدير المدرسة وجمعية الآباء وسكان البلدة دون أن ننسى الدور الأكبر الذي تمثله الدولة الذي يحتاج إلى حديث خاص.

فإذا وعت هذه الأطراف حقوقها وواجباتها وأدت دورها المنوط بها دون أن تتدخل فيما لا يعنيها لتحسنت وضعية هذا التلميذ رغم الظروف الصعبة.

لنأخذ المعلم مثلا فعليه أن يراعي الله في عمله وليتق الله في المسؤولية التي سيحاسب عليها أمام الله تعالى {كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته}، ثم أليس هو الذي اختار هذه المهنة؟ وهو يعلم مسبقا الأعذار التي يعتذر بها عن تفريطه من قبيل وعورة المسالك. والبعد عن الحضارة. وغيرها. إننا نهمس في أذنيه ونقول له : “إذا كان المدير لا يراك فإن رب المدير يراك، وإذا كنت بعيدا عن الطريق فإنك من الله قريب”.

وأما المدير فينبغي أن يعلم أن مهمته ليست محصورة في مراقبة المعلم هل حضر أم لم يحضر؟ واستقبال الشكاوى الصحيحة والكاذبة عن المعلم، فمهمته أكبر من هذه إنه مسؤول عن توفير الجو النفسي الملائم للمعلم والتلميذ. وذلك بالتشجيع والزيارة. وفي وضع جداول حصص تكون ملائمة، وقبول الرخص الضرورية والواقعية حتى لا يلجأ إلى الشواهد الطبية المزورة. كما أن عليه تحسيس الآباء بدور المعلم وفضله عليهم، وعدم الاستماع إلى الوشاة الذين لا هم لهم إلا المعلم إلا إذا تثبت من كلامهم {يا أيها الذين آمنوا، إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا}.

وأما سكان القرية فمهمتهم وواجبهم أن يحرصوا على راحة مربي أبنائهم، وليقدروا ظروفه وأنه غير متعود على هذه الوضعية الجديدة فإذا أحبهم أحب الخير لأبنائهم وعند ذلك ستزول المشاكل ويحصل الوفاق. ولجمعية الآباء دور كببير فهي صلة الوصل بين المعلم والسكان والادارة فعليها أن تبادر وتبتكر في هذا المجال وليس في الوشاية بالمعلمين وتصفية الحسابات الشخصية كما نرى في بعض أفراد الجمعيات في بعض البوادي،  ومن أهم أدوار ها أن تبين للسكان جدول حصص المعلم حتى لا يتهموه بالغياب في غير أوقات العمل. وأن هناك عطلا وأن المعلم قد يمرض كما يمرضون وقد تكون له ظروف استثنائية ينبغي أن نراعيها.

وبهذا نتجاوز ولو جزئيا المشاكل التي يعاني منها التعليم في البوادي.

> ذ. أحمد بو عبدلاوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>