السعودية : التحديث.. وسياسة التدرج
بدأت المملكة العربية السعودية معركتها مع التحديث السياسي الذي أملته عوامل داخلية وأخرى تراعي التطورات الخارجية، وهناك من يقول إن وصف التجربة بالحذر يتجاهل ويتغاضى عن منظومة من حقائق الجغرافيا والتاريخ، بينها أن المملكة مستقر الحرمين الشريفين هي البلد الذي انطلقت منه رسالة الاسلام وما تبعها من هجرة النبي وأبي بكر(ثاني اثنين إذ هما في الغار) لتصبح بحساب الديموغرافيا اليوم مليار ومائتي مليون مسلم، وهي الدولة التي تحتكم للشريعة الاسلامية بكل ما فيها من ثوابت لا مجال فيها للتفريط، والتي لم تأل جهدا في الأخذ والتعاطي مع كل معطيات الثورات التقنية والعلمية.
عن الشرق الأوسط العدد 9165
بن علي من جديد..
في انتخابات تحصيل حاصل
عام 2004 يدخل الرئيس زين العابدين بن علي أيضا انتخابات رئاسية تقع على مسافة 180 درجة من مناخات الرئاسة في جارته الجزائر، فالرئيس ابن علي الذي جاء للسلطة بانقلاب أبيض قاده في 7 نوفمبر 1987 على الرئيس ومؤسس الدولة الراحل الحبيب بورقيبة أحسن التخطيط لانتخابات هذا العام وسلك على طريق تحقيق هذا الهدف خطوات سياسية بالتدرج.
ففي مايو 2002 شهدت تونس استفتاء شعبيا تم بموجبه اجراء تعديلات على الدستور التونسي تضمنت فتح الباب لرئيس الجمهورية ليترشح أكثر من مرة في مكان الترشيح المقتصر على ولايتين اثنتين فقط مدة كل منهما خمس سنوات، ثم تلت الخطوة في يوليوز 2003 بإجازة البرلمان لتعديل دستوري آخر سمح بموجبه لأحزاب المعارضة التي تتمتع بوجود في البرلمان بترشيح أمينها العام أو عضو من مكتبها السياسي لانتخابات الرئاسة بدءا من عام 2004.
فيما شملت التعديلات أيضا تعديل السن القصوى لمرشح الرئاسة لتتحدد ب 75 عاما ولكن حظوظ المعارضة تبدو ضعيفة حتى مع الحماس الذي دفع الحزب الاجتماعي التحرري وحزب الوحدة الشعبية عن إعلان مرشحيهما منير الباجي ومحمد بوشيحة لسباق الرئاسة القادمة. (الرئيس ابن علي كسب الانتخابات الرئاسية السابقة في 24 أكتوبر1999 لدورة رئاسية من خمس سنوات).
عن الشرق الأوسط نفس العدد
بوش الفيل يحتاج إلى معجزة..
ليكسب الحمار الديمقراطي
يخوض الانتخابات بعقيدة عسكرية أثارت الجدل ودبلوماسية ألغت لأول مرة تحالف الاقتصاد والسياسة
أوضح ما في المشهد السياسي الأميركي الآن هو العائد الضئيل لسياسات المحافظين الجدد على مستوى الجبهات ذات التأثير المباشر على الأداء الأميركي داخليا وخارجيا، في وقت لم تعد فيه هناك فواصل بين الداخلي والخارجي، وبدرجة أصبح فيه الفيل ـ رمز الحزب الجمهوري ـ مثقلا في سباق الرئاسة القادم بملفات كثيرة حافلة بالأخطاء، إن لم يكن الفشل، مما يجعل قدراته لاجتياز الحمارـ رمز الحزب الديمقراطي ـ وصولا إلى نقطة السباق الأخيرة وهي البيت الأبيض صعبة وإن كانت ليست مستحيلة.
الملفات التي ستثقل حركة الفيل في عام الانتخابات كثيرة، ولكن أكثرها أخطاء وفشلا هي :
ـ العقيدة العسكرية.
ـ العقيدة الدبلوماسية.
ـ الملف الاقتصادي.
ـ حرب الارهاب
عن الشرق الأوسط، العدد9165
كولن باول : لااستمرار.. سواء بسبب سرطان البروستاتا.. أو بإصرار زوجته
وزير الخارجية الأميركي كولن باول (66 عاما) ربما يكون الوحيد في إدارة بوش الناجي إلى الآن من سهام الصحافة باعتبار مواقفه السابقة للحرب على العراق والتي بناها على خبرة 35 عاما في خدمة الجيش الأميركي من فيتنام وإلى حرب تحرير الكويت كرئيس للأركان ليجد نفسه وزيرا للخارجية كأول زنجي يصل هذا المنصب الذي تسميه واشنطن (وجه أميركا).
باول قاوم صقور المحافظين على ضرورة حشد إجماع دولي لتلك الحرب ونجح في الحصول من مجلس الأمن على قرار إعطاء العراق فرصة أخيرة، ولكنه فشل وبالعودة للمجلس من بعد لاستصدار قرار بالحرب في الحصول على نفس الاجماع فقرر الصقور دخول الحرب فيما تصدى الصحافي توماس باوز من دورية نيويورك ريفيوأوف بوكس لل 29 زعما التي أوردها باول في خطابه الشهير لمجلس الأمن في 5 فبراير شباط 2002 لإثبات امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وتوصل إلى أن أيا منها ليس صحيحا.
ولكن كل ذلك لم يلغ كون باول كان قد أوصل عقيدته تجاه الحرب بشجاعة يحسد عليها وبينها (أن الذهاب للحرب لا بد أن يستصحب هدفا واضحا يتفهمه الشعب ويسانده، وفي المقابل وإذا ما ذهبت للحرب على تلك الأسس فلا بد من الاختيار بين موقفين لا ثالث لهما إما ارسال جنود للمعركة والهدف بأعداد كافية ومؤهلات للمهمة أو عدم ارسالهم من الأصل).
كواليس واشنطن ومن أكثر من صحيفة تحدثك عن أن عام 2004 هو عام باول الأخير حتى من قبل إجراء عملية سرطان البروستاتا الناجحة في 14 ديسمبر الحالي، وامعانا في التأكيد تقول بعض الصحف أن زوجته (ألما) التي ضغطت عليه في 1996 لعدم قبول ترشيح نفسه كرئيس في انتخابات 1996 عادت لضغوط جديدة لجهة عدم تجديد ولايته في الخارجية مع انتهائها مع الانتخابات القادمة في نوفمبر القادم.
الشرق الأوسط ع 9165
ديك تشيني : خصوم بلا عدد..
فضائح في الطريق.. خريف للغضب
ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي ربما يبادر هو الآخر إلى ابداء عدم خوض الانتخابات القادمة كنائب للرئيس برغم تأكيد بوش على اصراره أن يصحبه العجوز تشيني في ولاية ثانية وأخيرة إذا ما فاز.
ومثل كولن باول يعاني تشيني من أمراض في القلب وقد خضع لاحتجاز بالمستشفى العام الماضي، ولكنه يتفوق على باول سلبيا في وقوف صحافة شرق أميركا (نيويورك تايمز وواشنطن بوست) وأكبر صحف الغرب (لوس انجلوس تايمز) ضده بمنطلقات مختلفة.
أكبر الانتقادات تقول أن تشيني الذي يجلس على رصيد عال من الخبرات جعل بوش الأب يوصي ابنه بضمه نائبا إلى بطاقته الانتخابية لتعويضه عن الخبرات التي يفتقدها، أي بوش الابن، لم يقدم أيا من تلك الخبرات إذا لم يقم بتضليل الرئيس في قضايا كثيرة أهمها غزو العراق واعترافه للرئيس بأن عدم إسقاط صدام خلال ولاية أبيه بوش الأب خطأ حان وقت تصحيحه (تشيني عمل رئيسا لهيئة موظفي البيت الأبيض وقياديا بالكونغرس ووزيرا للدفاع). أخطر ما ينتظر تشيني في عام 2004 مواجهته مع بدايات العام مع ما يعرف (سياسات الطاقة)، وذلك بعد أن أعلنت المحكمة العليا الأميركية يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي عن نيتها الاستماع إلى المجادلات القانونية وراء رفض تشيني إطلاق سراح الأوراق المتعلقة بسياسة الطاقة.
عن الشرق الأوسط العدد نفسه
رامسفيلد : الرجل الذي حرك الحرب.. راحل بيده أو بيد عمرو.. أو بتبعات العراق
وزير الدفاع الأميركي بقراءة مشهد الإعلام الأميركي اليوم يكون هو الرجل الوحيد الذي لا تجد له صديقا وإلى حد الترويج لنكتة تقول (لا.. إن له صديقا.. ولكنه نائبه بول وولفوتيز), السبب الأساسي لفقدان رامسفيلد صداقات ومصداقية يعود لحرب العراق بتبعاتها المعروفة داخليا وخارجيا، مثلما يعود إلى انفتاح مشهود في الشفافية تجاه الفترة التي سبقتها، ويذهب ما يشبه جماع الآراء الإعلامية في داخل أميركا إلى أن رامسفيلد هو القوة التي حركت تلك الحرب، ويبلغ البعض لحد القول أنه الرافعة التي عجلت بخروجها من حرب الأفكار التي استعرت قبلها وإنه هو الذي أقنع بوش بمفهوم الحرب الاستباقية مستغلا الظرف التالي لأحداث 11 سبتمبر. أما آخر ما تسرب مع نهايات هذا العام معلومات تقول أن البنتاغون تجاهل تقارير ومعلومات اجتهدت في إعدادها وزارة الخارجية ومستشارية الأمن القومي من خبراء في داخلهما ومن المؤسسات الفكرية، وتضيف ملاحظات أخرى أن القدر الذي ضمنته تقارير البنتاغون للبيت الأبيض لم يخل من انتقاء بمعنى حجب الآراء التي دعت للتمهل قليلا وعدم خوض الحرب بذريعة حلول الصيف… إلخ
عن الشرق الأوسط، العدد نفسه
آسيا قارة التناقضات : رواد جدد في الفضاء
نظرة واحدة لآسيا في الألفية الجديدة تكفي للوصول إلى أنها قارة التناقضات، ولا يستدعي مثل هذا الحكم كثير اجتهاد، مثلما لن ينفي نفس الحكم كونها ستكون أكثر القارات شغلا للعالم في العام 2004 سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو السياسي بل وحتى الاجتماعي. إلى ذلك لا يستقيم أي حديث عن آسيا دون الوقوف على منظومة من الحقائق التي انفردت بها القارة الآسيوية ربما حتى من قبل دخول البشرية الألفية الجديدة منذ أربعة أعوام، ولا غضاضة فلنتوقف عند هذه المحطات التي أصبحت حقائق عن القارة الآسيوية يعرفها القاصي والداني :
آسيا هي أكثر القارات سكانا بحساب الديموغرافيا.
- آسيا تضم أربع دول نووية من بين دول النادي النووي السبعة (روسيا والصين والهند وباكستان)
- آسيا تضم الهند أكبر الديمقراطيات في العالم ب 600 مليون ناخب مثلما تضم أعتى ديكتاتورية في ماليمار (بورما سابقا).
- آسيا في خضم مناداة الغرب بحقوق المرأة باستدعاء هضم حقوقها من وجهة نظر الغرب هي أكثر القارات تصديرا للمرأة إلى موقع الرئاسة وفي آسيا الآن رئيستان هما ميغاواتي سوكارنو في أندونيسيا وغلوريا في الفلبين ومن قبلهما كانت هناك أنديرا غاندي في الهند والشيخة حسينة وخالدة ضياء في بنغلاديش وكروزونوا أكينو في الفلبين، وفي اليابان الآن وزيرة الخارجية امرأة.
قارة الأزمات.. والإيدز.. والحروب
حين تتحدث عن القارة السمراء فالنظر يتجه دائما إلى ذلك الجزء الذي قضت الاصطلاحات بتسميته (افريقيا جنوب الصحراء) وكما هو واضح فهو يستثني حزام الدول العربية من مصر إلى المغرب، وحين يذهب الحديث عن جنوب الصحراء، فهو يؤشر بدءا إلى 23 مليونا من حاملي ومرضى الايدز من أصل 36 من مرضاه في كل العالم، ليؤشر أي الحديث من بعد إلى ما يزيد على 600 مليون نسمة يعيش نصفهم على دخل يومي لا يتعدى الدولار الواحد في اليوم فيما لا يملك نفس العدد مدخلا لمياه شرب صحية، وحين تنظر إلى القارة السمراء يكون عليك أن تحبس أنفاسك، أو تسخر، حين تقرأ خبرا يقول إن الرئيس هنريكو روزا رئيس دولة صغيرة في الغرب الأفريقي هي غينيا بيساو قد افتتح ولأول مرة في 15 نوفمبر الماضي أول جامعة في بلاده منذ استقلالها عن البرتغال قبل 30 عاما.
وثالثة الأثافي في واقع القارة ما أوردته دراسة جديدة تقول إن الفساد في القارة الافريقية يكلفها 150 مليار دولار كل عام فيما يكلف كينيا مثلا مليار دولار في العام، ويضر أكثر ما يضر أشد الدول فقرا. ومع أنه غير مشروع في أي مكان، ولكنه منتشر في كل مكان في ثنايا الحياة فيها بدءا منتهريب زجاجة مشروبات كحولية بغية عدم دفع الرسوم الجمركية المترتبة عليها نهاية بالرؤساء ونوابهم الذين يعيشون بمستويات معيشية عالية لا تتناسب مع ما يعلنونه من دخل.