من يقرأ التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي يتقطع حسرة وألما لما تحظى به الدول العربية -ومنها المغرب- من مكانة متدنية مشينة في عدة مجالات حيوية تمس التنمية والإدارة الاقتصادية والاستثمار وغيرها.. وهي مرشحة للسقوط إلى أسفل، فالتنافس على الرتب الدنيا على أشده بين دولنا العظيمة في إعلامها المتقدمة في تقاريرها المتحضرة في تطبيلها وتزميرها..
ولكن المصيبة العظمى هو الأدراك (جمع دَرَكَ) السُّفْلى التي تنحدر إليها كثير من دولنا في ميادين شتى وأهمها : التعليم والتربية والصحة والبيئة والطفولة… ولو أخذنا معضلة التعليم من الروض إلى أعلى مراتب التخصص لوقفنا على المستقبل الفظيع الذي سنؤول إليه…
ولست أدري أيَعْلَمُ من بيدهم الأمر أن شؤون التعليم وصلت إلى درجة يجب فيها إعلان حالة الطوارئ لدراستها دراسة علمية وطنية مخلصة قبل أن نحصد الخيبات واليأس وزيادة نسبة التخلف والتقهقر.
وإني لأنصح لمن بقي له قابلية سماع النصيحة بوجوب مبادرة الأخطار المَهُولَة الحالَّة والمستقبلية بالقيام بثورة شاملة في إصلاح التَّعْلِيم حسب تعبير الأخ الأستاذ أحمد بن عبد السلام البقالي في مقاله القيم “علمونا كيف نتعلم” دع عنك مهزلة أو كارثة الإصلاح الجديد الذي ستكون له عواقب وخيمة إذا لم يتجرد من “عوامل” تخلفية منبعها حب الذات والمصالح الشخصية والإجراءات السطحية والمظاهر الشكلية…
إن الأساتذة يشتكون بأن الجامعة مقبلة على عصر جديد من إثارة الإحن والأحقاد والتنافس غير العلمي وغير الشريف على الترقيات التي توضع لها مقاييس وسلالم لا تحترم البحث العلمي الجاد ولا التقدم العلمي الذي نحن في أمس الحاجة إليه.
إننا بذلك سنضطر خبراءَنا وأطرنا الكُفؤة إلى الهجرة إلى الخارج عندما نتيح الفرصة لأصحاب المصالح والانتماءات والعلاقات الخاصة وللمستويات الضعيفة التسابق على ما يحقق لها “الترقيات” على حساب الكفاءات المشهود لها..
أما التعليم الابتدائي والاعدادي والثانوي فقد سجل تراجعا مخيفا. أما التعليم في البوادي والقرى فيجب أن يكون أولا يكون.
وما خفي في مجالات أخرى أعظم وأبشع وأخطر، وليت التقارير الصادقة تتناول بعض تلك المجالات لترى الحقائق كما هي وعاش من عرف قدره فأصلح شأنه ومن الواجب استشارة ذوي التجارب من مخلصي هذه الأمة ورجالاتها ممن تحملوا مسؤوليات هامة ونجحوا فيها كثيراً لكنهم اليوم نسيتهم دولتهم وأهملهم “الحكام الجدد” الذين يظنون أنهم في غِنًى عنهم وتلك الكارثة العظمى. {إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
د. عبد السلام الهراس