إن الإسلام يحترم النفس البشرية ويحرص على سلامتها وأمنها، وكل اعتداء عليها فهو إجرام في حق الناس جميعا قال تعالى : {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فـي الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} (المائدة : 5).
وفتنة القتل فتنة عمياء القاتل فيها والمقتول في النار، قال : >إذا الْتَقَى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قيل يا رسول الله هذا للقاتل فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه<(متفق عليه).
وفتنة القتل تخرج الأمة عن جادة الإسلام، وترمي بها إلى حضيض الكفر، قال : >لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض<(متفق عليه).
ويكون للمسلم الأمل الكبير في عفو الله، والرجاء العظيم في مغفرة الله ما لم يقع في جريمة القتل، قال : >لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يَتَنَدَّ بدم حرام<(رواه الحاكم بإسناد صحيح).
والدنيا مسخرة للإنسان، ولأجل مصلحته ومنفعته خلقت، ومهما بلغت قيمتها فهي لا تساوي شيئا أمام حقن دمائه والحفاظ على أنفاسه، قال : >لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا<(أخرجه النسائي).
ولهذا جعل الله القضاء في الدماء أول الجزاء قال : >أول ما يقض بين الناس في الدماء<(متفق عليه).
وقد أكد النبي حرمة الدماء وكان ذلك في آخر وصية للأمة في خطبة حجة الوداع، قال : >أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام،كحرمة يومكم هذا،في شهركم هذا، في بلدكم هذا… ألا هل بلغت، اللهم فاشهد،كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه<.
إن الدماء محمية بالنص الشرعي المعصوم،ولو أن من في السماوات والأرض تجرؤوا على سفكها لكبهم الله جميعا في النار، قال : >لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار<(رواه الترمذي وحسنه).
ولو كان الاشتراك في القتل بأقل جهد، قال : >من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة:آيس من رحمة الله<(رواه البيهقي من حديث ابن عمر).
وكل تصرف يخالف هذه المبادئ فجزاؤه الخلود في الجحيم قال : >من تردى-أي رمى بنفسه- من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا،ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها -يضرب بها نفسه- في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا<(متفق عليه).
ولا يحل إزهاق النفس واستباحة حرمتها إلا في صور ثلاث، قال رسول الله : >لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب -المتزوج- الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة<(رواه البخاري ومسلم).