“والله لولا الحوت يأكل الحوتما تدخلوا عليناولو بيتا من عنكبوت” – الشهيد الشريفولد احميدو الخراز العلمي


يقول تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}

إن التنازع الداخلي تمزيق للذات وتشتيت للجهود وتبديد للقوى، فإذا أدى هذا التنازع  إلى استنصار كل فريق بالأجانب ولا سيما بالأعداء على أشقائهم الخصوم، فإن المشكل يزداد تعقيدا والكوارث تزداد انتشارا إذ لا ينصرك الأجنبي ولا سيما العدو على أخيك وشقيقك إلا لقاء ثمن من عرضك أو مالك أو أرضك… وفي الماضي فقد الأندلسيون بلادهم بسبب الفتن الناشبة بينهم واحتماء كل طرف بالنصارى ضدا على إخوانه المسلمين، وفي مقابل ذلك يؤدي المسلمون الإتاوات والتعويضات المالية وكل ملك أو رئيس يتنازل للنصارى عن قلاع هامة وحصون استراتيجية عظيمة ومدن وقرى وأراض كانت تحمي بلاده، ويسلم ذلك بما على الأرض وبمن يسكنها

وكان نصارى الجزيرة كثيرا ما يتدخلون في شؤون المغرب عن طريق بني زيان بتلمسان وبني الأحمر بالأندلس

وكانت النتائج أن سقطت الأندلس واحتلت بلاد هامة بالمغرب الإسلامي في كل من تونس والجزائر والمغرب… ثم كان الاستعمار والانتداب والحماية

ومن أسباب التنازع التكالب على الدنيا والتنافس على السلطان والتباري في ميدان الشهوات والحرص على نيل الجاه، وكم دفع التنازع إلى الانتقام بل وإلى الخيانة والغدر، وقد سئل كبار القادة عن أسباب هزيمتهم فكان الجواب أن أخطر سبب وأشده تأثيرا” الخيانة” ولذلك ما تجرأ الأعداء على الإسلام وأهله وبلاده لولا كثرة الخائنين الذين يتآمرون على بلادهم وشعوبهم ودينهم لقاء مصالح دنيوية زائلة، وما انهزمت مقاومات الاستعمار في بلادنا الإسلامية إلا بخيانة طائفة من المنتسبين لهذه البلاد، فقد كانوا هم في مقدمة الجيوش التي تواجه المدافعين عن بلادهم وأعراضهم ودينهم،بل إن الاستعمار يأخذ من البلد المسلم عساكر ليحارب بهم بلدا مسلما آخر ومن هذا لمحاربة ذاك كما قال المجاهد الشهيد الشريف الخراز الذي تهجم على الكولونيل الأسباني طابلاس فقتله وسقط هو أيضا شهيدا في هذا الهجوم قال: والله لولا أن الحوت يأكل الحوت لن تستطيعوا أن تدخلوا علينا حتى بيتا من عنكبوت. فقد شاهد رحمه الله كثرة الخيانات التي أنهكت المغاربة فقال قولته تلك، وهو ما نشاهده اليوم بفلسطين وغير فلسطين ولولا خيانات معروفة ما استطاعت شرذمة مارقة أن يكون للأجنبي صوت في شأن صحرائنا… إن دولا عربية شقيقة ما قصرت في بذل أموال طائلة لاستمرار أزمة الصحراء وتقاتل أبناء البلد الواحد فيما بينهم ولولا تحريض الخيانة المحلية على بلدهم المغرب ما جرؤ الأجانب على التدخل في شؤوننا

لقد كنا متفائلين أن القرن الخامس عشر- الواحد والعشرين- سندخل فيه عالم التقدم والنهضة… ولكن يبدو أن الحوت ما زال يأكل الحوت وأن التنازع الداخلي لا يزداد إلا حدة وجنونا وأن حب انتقام المواطن من مواطنه والأخ من أخيه والرفيق من رفيقه ومن فوق من أسفل وأسفل من فوق ظاهرة مرضية لا تستفحل إلا في مجتمعات أصيبت بداء فقدان مناعتها بسبب بعدها عن أخلاقها ودينها وتربيتها التي كانت أساس بنائها ومبادئ إنشائها ونهضتها

فيا أيها الحوت الآكل والمأكول إنك تأكل أخاك ويأكلك أخوك وكلاكما لا محالة مأكول، لأن الجميع موجود داخل شباك الأعداء، فأنت نشيط ومتحرك ومُهَاجِم ومُهَاجَم ولكنك خاسر على كل حال. فقريبا ترى نفسك مصطادا في صناديق ومعلبات وسوف يوحدكم عدوكم، ولكن في المآسي والمقابر والمنافي والاستعباد لأنكم لا تستحقون الحياة الحرة الكريمة التي يضمنها لكم دينكم

{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>