ســــورة الـفـجـر


{والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسري هل في ذلك قسم لذي حجر ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانني  كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}

س1: في هذه السورة أقسم الله سبحانه وتعالى بعدة أشياء ما هي؟

ج1: أقسم الله سبحانه بالفجر وهو وقت الصلاة، وأقسم بالليالي العشر الأولى من شهر ذي الحجة، وأقسم بالشفع والوتر ويعني الزوج والفرد من كل شيء، وأقسم بسريان الليل ذهابا وإيابا.

س2: لكن لماذا أقسم الله سبحانه بالفجر؟

ج2: أقسم سبحانه بالفجر لينبهنا لقدرته ورحمته فهو الذي يأتينا بنور الفجر بعد ظلام الليل، ولينبهنا كذلك لقيمة صلاة الفجر والصبح وعنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو يعلم الناس ما في صلاة الصبح لسعوا إليها ولو حبوا”.

س3: ولماذا أقسم الله سبحانه بالليالي العشر من شهر ذي الحجة؟

ج3: أقسم سبحانه بالليالي العشر الأولى من شهر ذي الحجة لينبهنا لقيمتها وفضلها ففيها يوم عرفة وفيها عيد الأضحى، وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة”.

س4: ولماذا أقسم الله سبحانه بالشفع والوتر؟

ج4: الشفع يعني الزوج أي الذكر والأنثى من كل شيء كما يعني كل عدد قابل للقسمة على اثنين، أما الوتر فيعني الفرد، والله سبحانه فرد لا ثاني معه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله وتر يحب الوتر”أي أنه فرد يحب صلاة الوتر لنا.

س5: ولماذا أقسم سبحانه بسريان الليل ذهابا ورجوعا؟

ج5: أقسم سبحانه بالليل لينبهنا لقدرته ورحمته بنا، فهو الذي يأتينا بالليل لنرتاح فيه بعد تعب النهار

س6: والجواب على القسم بهذه الأشياء أو المقسم عليه أين هو؟

ج6: جائز أن يكون مقدرا على أن الله قادر على بعث الناس بعد الموت، ومُجَازٍ كل واحد بما يستحق وهو قسم عظيم لذي حجر أو لمن له عقل ذكي ولب حصيف.

س7: في قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} لمن يوجه الخطاب؟

ج7:  يوجهه للرسول صلى الله عليه وسلم ولكل فرد من أمته يقول له: ألست ترى ما ذا فعل ربك يا محمد بعاد قوم النبي هود، لما كفروا بنبيهم وعصوا أمر الله لقد عاقبهم شر عقاب رغم كونهم أقوياء أشداء وبنوا بناء عظيما سموه إرم ذات العماد.

س8: ومن هم ثمود؟

ج8: ثمود هم قوم النبي صالح صاحب الناقة، وقد كان هؤلاء القوم ينحتون بيوتا في صخور الجبال وهذا معنى قوله تعالى: {جابوا الصخر} أي حفروا الصخر.

س9: ومن هو فرعون ذو الأوتاد؟

ج9: الفراعنة أسرة ملوك حكموا مصر قبل زماننا هذا بأكثر من خمسة آلاف سنة، وأعظمهم فرعون ذو الأوتاد أي صاحب الأهرام وبانيها وهو الذي أرسل الله إليه النبي موسى عليه السلام.

س10: وما المقصود من قوله تعالى: {الذين طغوا في البلاد}؟

ج10: المقصود هؤلاء المذكورين الكافرين الظالمين الطغاة وهم عاد قوم النبي هود وثمود قوم النبي صالح وفرعون وجنوده في زمن النبي موسى.

س11: كيف طغوا في البلاد؟

ج11: تجاوزوا الحد في الظلم والكفر والمعاصي وسلب أموال الناس والاعتداء عليهم.

س12: وكيف عاقبهم الله تعالى؟

ج12: أنزل على كل قوم منهم في زمانه نوعا من العذاب، فقوم ثمود أهلكهم الله بصيحة شديدة قوية ماتوا بها إلا النبي صالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين، وأما عاد قوم النبي هود فأهلكهم بريح عاصفة شديدة القوة في التدمير وأنجى النبي ومن معه من المؤمنين، وأما فرعون وقومه فقد أغرقهم الله تعالى في البحر وأنجي النبي موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين.

س13: وما معنى قوله تعالى: {إن ربك لبالمرصاد}؟

ج13: الرصد المراقبة والمتابعة ومنه الأرصاد الجوية أي مراقبة أحوال الجو وتغيراته، وربنا سبحانه يراقب ويتتبع بدقة وضبط وانتباه أكبر وأعظم ما يفعله الناس جميعا، فلا تخفى عليه صغيرة ولا كبيرة من أعمالهم ولذلك عاقب الأقوام المذكورين بما يستحقون من العذاب وسيعاقب من يفعل مثلهم.

س14: ولكن لماذا يقص الله سبحانه علينا مثل هذه القصص؟

ج14: لنتعظ بها وننتبه، فنطيع الله ونؤمن به وبرسوله ونتبع أوامره ونتجنب نواهيه.

س15: الإنسان يبتليه ربه، كيف يكون ذلك؟

ج15: الإنسان يختبره الله ويمتحنه ويجربه بعدة أشياء منها أن يجعله غنيا بماله وجاهه، فإن كان الإنسان ذكيا فطنا عرف أن الله هو الذي يسر له وفتح عليه بهذا المال والجاه، فجمعه من حلال وأنفق منه فيحلال وليس في الحرام، وأعطى منه الفقراء والمحتاجين، وأما إن كان بليدا غبيا فيظن أنه بحيلته وذكائه وقوته جمع ذلك المال وليس بتوفيق الله وعونه، ولذلك فهو ينفق منه في الحرام وليس في الحلال ولا يعطي منه للفقراء والمحتاجين.

س16: وهل الإنسان الفقير أو المسكين في حالة ابتلاء أيضا؟

ج16: أجل هو أيضا في امتحان واختبار، فربه الذي قدر عليه رزقه أي ضيق عليه في الرزق ليمتحنه ويجربه بهذا التضييق، هل يرضى ويسلم لله بما قسم له من رزق ويعمل ويجتهد في نفس الوقت، ويسأل الله أن يوسع عليه ويرزقه من الحلال، أم يغضب ويظن أن الله أهانه واحتقره وأذله بهذا  التضييق في الرزق ولذلك فهو ملهوف على الدنيا لا يفرق بين حلال وحرام يريد جمع المال بأي طريق : يسرق، يغش، يزور، يحتال…

س17: إذن ماذا نقول للأغنياء؟

ج17: نقول لهم انتبهوا أيها الأغنياء إن الأموال التي تملكون هي ابتلاء وامتحان لكم من الله، سيحاسبكم عليها كيف جمعتموها، أمن حلال أم من حرام، وهل تؤدون زكاتها، هل تتصدقون منها على الفقراء والمحتاجين أم تبخلون بها وتشحون.

إنه امتحان لكم فهل ستنجحون فيه أم ستسقطون، هل ستربحون بدخول الجنة أم ستخسرون بدخول النار؟

س18: وماذا نقول للفقراء والمساكين؟

ج18: نقول لهم تقوا بالله وتأكدوا أنه مقسم الأرزاق وفي نفس الوقت اعملوا واجتهدوا ما أمكن واسألوا الله أن ييسر لكم وأن يبدل حالكم إلى أحسن حال، إنه سبحانه على كل شيء قدير.

اللهم يا مبدل الأحوال بدل حالنا إلى أحسن حال، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه.

 إعداد: عبد الله العابدي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>