- ضاقت بي الأرض… أريد الهجرة إلى أوربا لأثبت ذاتي!
قالتها وهي تتأفف، حين التقينا صدفة بعد غياب طويل.
فأجبتها:
- إنك ولله الحمد مثقفة، ومن أسرة ميسورة، وشهادتك تؤهلك لإنشاء مقاولة صغيرة، وبإمكانك تشغيل المعطلين..
فقاطعتني:
- صديقاتي هاجرن، واستطعن العودة بسيارات فارهة وبناء فيلات ضخمة… مهما عملت هنا، فإني لن أحقق كل ذلك في ظرف أربع سنوات.
قلت:
- وكيف ستهاجرين؟ وستعملين هناك؟
فقاطعتني:
- سأتزوج “زواجا أبيض”!
- الزواج رباط مقدس.. و”الزواج الأبيض” تحرمه شريعتنا.
وتذكرت فتاتين العام الماضي ونحن في سيارة أجرة:
- قالت الأولى: صاحبتي تزوجت نصرانيا، محظوظة… (وصيتها تدبر لي على شي نصراني).
- الثانية: إذا ذهبت إلى هناك، فلا تنسي أن تبعثي إلي بنصراني. وتذكرت أيضا ذلك “الحاج” الذي بشر أحد معارفه بقوله:
- حن الله على ابنتي المعلمة في تلك القرية النائية.. زوجتها لنصراني. فصرخ صديقه:
- حرام
- فأجاب الحاج:
لا يهم الحلال والحرام، المهم أنه أنقذها من ذلك الجحيم. ستعيش معه في النعيم، وسيكرمنا نحن أيضا!
والأغرب من هذا، حين قالت لي يوما طفلة بكل براءة:
- أمنيتي أن يهاجر أبي إلى أوربا، ويأخذنا معه!
فسألتها:
لماذا؟
لنعيش في النعيم، ونتمتع بالحياة!
لن أعلق… لكني أتساءل:
أضاق فعلا هذا الوطن الرحب في أعين بناته؟
أرخصن إلى هذا الحد، حتى أصبحن -وبدون قصد منهن- لحما يصدر إلى سوق الرقيق الأبيض، أو إلى المهن الدنيئة؟ ألا يحلمن إلا بالهجرة والثراء بأي ثمن؟
إنها لظاهرة تستحق التأمل والدراسة والبحث من لدن المختصين.