1- التربية من منطلق حضاري:
المقصود من المنطلق الحضاري المرجعية الإسلامية فهي الأساس لكل الاعتبارات المفاهيمية والمنهجية والرسالية، وهكذا فمقاربتنا للتربية تخلص إلى اعتبارها عملية يتم بمقتضاها تعهد الفرد المسلم بالتكوين المنتظم بما يرقيه في مراتب التدين تصورا وممارسة
وتبعا لهذا التعريف فالتربية عملية شمولية وذلك لشمولية أهدافها، حيث إن التدين استجماع واع للمفاهيم المؤسسة للرسالة الإسلامية وأهدافها على مستوى التصور وامتثال للمقتضيات والمطالب الشرعية على مستوى الممارسة
وهذا يستوجب توظيف كل الإمكانيات المادية والمعطيات المعرفية حتى يمكن لهذه التربية أن تحقق أهدافها سيما وأن الجنس البشري واقعه أيضا متعدد العوالم ورحب الآفاق
فالتربية بحسب هذا التصور عملية معقدة يجب أن يراعى فيها كل ما يساعد على تمثل النظام الحضاري الأصيل روحيا وعمليا واجتماعيا وثقافيا
وغني عن البيان أن التربية بالإضافة إلى شموليتها فهي أيضا عملية مستمرة لها ثلاثة أدوار
أولها: أنها عملية نقل للثقافة التي هي مفاعل من القيم والمعايير المشكلة لهوية المجتمع واتجاهه الحضاري
ثانيها: أنها عملية تمثل لذات المفاعل
ثالثها: أنها عملية خلق وإبداع في إطار المفاعل نفسه وعلى أساسه المرجعي
أما عن الأهداف العامة لهذه التربية فيمكن إيجازها في العمل على تخريج الفرد الصالح، على أساس المركبات الآتي بيانها
أولا- تنمية الخبرات الدينية والاجتماعية والكونية عند الفرد
ثانيا- تربية إرادته وهي عبارة عن قوة الرغبة والاختيار التي توجه الإنسان نحو قصد معين بمعنى امتلاك القوة الدافعة التي يتولد منها الميل إلى الشيء أو النفور منه
ثالثا- إحكام تنمية القدرة التسخيرية التي يتم بمقتضاها اكتشاف نواميس الخلق في الكون والنفس واستثمارها في تطبيقات نافعة لبقاء النوع ورقيه… فهي على العموم ثمرة تفاعل القدرات العقلية مع الخبرات الكونية والنفسية
هذا وتتجه التربية في إطار تخريج الفرد الصالح إلى تفعيل وتنمية أربع مكونات لماهيته كمخلوق استحق التكريم وتحمل الأمانة الكبرى وهي الوعي والمسؤولية والإبداع والحرية.