بارقة – الجاليات المغربية مهددة بالذوبان في ديار الغرب


لقد بحّتْ أصوات كثير من أفراد جالياتنا بالخارج وجمعياتهم من كثرة صرخات الاستغاثة بالوطن الأم قبل فوات الأوان، وقد قال كثير منهم : أنقذونا واربحونا قبل أن تحتاجونا وتبحثوا عنا فلا تجدوننا!!

ذلك أن الجيل الأول ما يزال جله مرتبطاً بوطنه ولكن الجيل الثاني والثالث ضعفت روابطه ببلده الأم، فقد فقد ولاءه لها، إذ فقد لغته ولهجته وأصبح دماً ولحما وعقلا ولساناً وعاطفة فرنسيا أو بلجيكيا أو هولانديا أو كنديا أو انجليزيا أو أو… فإن بقي في عقله الباطن أو كيانه الظاهر فكبقايا وشم بظاهر يد..

ولا نعرف في الأمة الاسلامية من يهتم الاهتمام الحازم والمستمر والمناسب بجاليته إلا دولاً قليلة منها : دول الخليج النفطية، والدولة التركية العلمانية المحاربة للدين في بلدها، فهي تهتم اهتماما كبيراً بجاليتها وتوليها عناية خاصة ومن هذه العناية : دينها إذ توفر لها مساجدها وأئمتها ووعاظها.. أما ماليزيا التي أصبحت من العالم الغربي في حضارتها التكنولوجية بل حتى في حضارتها الاسلامية لأنها قمة في الصدق والخلق والانضباط والنظافة والنظام السياسي وحرية الانسان فلا تسلْ عن اهتمامها بطلابها ومبعوثيها بالخارج…

إن جل بلادنا العربية قد حققت نتائج هامة في تشريد شعوبها وتهجير فلذات أكبادها ودفعت الكثير من الشباب إما إلى الغرق أو الأسر أو الضياع بحثاِ عن لقمة خبز يعول بها نفسه وأهله..

وقد سجل المغرب نسبة كبيرة من المهاجرين إلى ديار الغرب ونسبة كبيرة من الراغبين فيها رغم ما يشاهدون من أخطار وما يجلبون لأهليهم من آلام وأكدار!! والعجب أن المغرب يستطيع أن يستوعب أكثر من أربعين مليون لغناه الكبيروثرواته المتنوعة الكبيرة، ويكفيه أن له تراباً خصباً ونحو ثلاثة آلاف كلم بحدوده البحرية لو ضربتفي مجاله الدولي لكانت ملايين الكيلمترات زيادة على المعادن، بل حتى رماله العظيمة أصحبت الآن من أهم المصادر لصناعات دقيقة هامة، بل إن الشعب الياباني قد عرف بلدة مهملة تعيش على هامش المغرب غير النافع اسمها “الشاون” وشفشاون يعرفها الشعب الياباني معرفة كبيرة بسبب أنها تصدر إليهم أحسن أنواع “الفطر” Champinion الذي يباع عندهم بأثمان عالية ويبز جميع أنواع “الفطر” في العالم، ولكن الذي يستنبت ذلك “أجنبي” يعرف قيمة تربتنا وما يمكن أن تعطي فلاحتنا وما تستطيع  أن تنافس به مفاخرة معتزة.. أما نحن فقد دخلنا التنمية من أبوابها القذرة فأصبحت تربتنا لا تنبت إلا الكيف الذي أصبح يطل على مدينة الدين والعلم : مدينة القرويين ومولاي إدريس وإن شئت فزر قرى قريبة منها..

لقد ضيعنا بحارنا وترابنا وشبابنا في الداخل، فهل نستطيع أن نحافظ عليهم في الخارج؟

لقد كانت المحاولة الأولى الموفقة عندما تأسست وزارة الجاليات المغربية في الخارج وانطلقت انطلاقة عظيمة وكانت تتطور إلى أحسن إذ كان على رأسها رجال عُرِفوا بخبرتهم الادارية الكبيرة وبدراياتهم بشؤون الجالية وبحاجاتها ،وحققت الوزارة نتائج هامة من بركاتهاما حققته الفيدرالية الاسلامية بفرنسا التي كانت الوزارة و راء تأسيسها وقد حضرت ذلك بنفسي، ولكن سرعان ما اختفت ا لوزارة وما تبع ذلك من انكماش وتقلص..

إن جالياتنا بالخارج يجب أن تأخذ من اهتمامنا ما تأخذه الصحراء، فهي من أهم مصادر ثرواتنا البشرية والمالية والاقتصادية بل نستطيع أن نصنع منها مراكز قوى ولوبيات تؤثر في سياسات الوحدة الأوربية وكذلك بكندا لصالح المغرب. إن إهمال الجاليات المغربية سيجر على المغرب كوارث لا تقل عن كوارث ضياع الصحراء أو سبتة أو مليلية أو سوس أو الريف أو الأطلس..

يجب ألاّ نفرط في أي فرد مغربي واحد فما بالك في الملايين، وفيهم عقول كبيرة وأيد كثيرة خبيرة ورساميل غنية وافرة، فلنسارع إلى استدراك ما فات قبل فوات الأوان، ودعونا من الاشتغال بالتفاهات عن عظائم الأعمال وجلائل الأهداف والله من وراء القصد.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>