تلعب الجالية المغربية في الخارج- والمسلمين في الغرب عموما- دورا رياديا في تنشيط مجموعة من القطاعات الحيوية في مجالات متعددة ومتنوعة : ثقافية اقتصادية اجتماعية. وكان من الممكن لهذا الدور أن يكون أكبر لو أحسن التسديد والتوجيه والتأطير لهذه الشريحة.
ومع بداية موسم “الهجرة إلى الوطن” يبدأ الاهتمام بقضايا الجالية وخاصة على المستوى الرسمي الذي كان حريا به أن تظل قضايا “أصحاب الخارج” على جدول أعماله على مدار السنة لخطورة المشاكل التي يتخبطون فيها ولتعددها وتسارعها سنة بعد سنة، سواء في المهجر أو في البلد الأم، فرغم بعض البرامج الإذاعية والتلفزية الموجهة لهم، إلا أنها في عمومها- ومع بعض الاستثناءات- تظل قاصرة من جهة، وحتى الموجود منها ذو طابع فلكلوري يهتم بقضايا هامشية ليست من أمهات القضايا المصيرية والانشغالات الحاضرة والمستقبلية مثل التركيز على الأنشطة “الثقافية” المائعة وحفلات الرقص والغناء والسهرات التي يحييها هذا “المطرب” أو ذاك، أو الاهتمام بالتشجيع على إبراز”نجوم” يحلقون خارج سرب الهوية والمرجعية الإسلامية.
إن الدور المتنامي الذي أصبحت تحتله الهجرة المغربية أصبح يقتضي مصاحبته إعلاميا- وخلال السنة- بطريقة جادة تعيد بناء الفرد المهاجر وصياغته صياغة ثقافية ومعرفية وفنية تجعل منه لبنة صالحة في بناء مغرب المستقبل.ولقد بات على الإعلام عموما والرسمي خصوصا أن يسخر الأموال الطائلة التي ينفقها في إشاعة ثقافة العري والمسخ والتفسيق وتوسيع تيار اللامبالاة والعبثية وعدم الإحساس بالانتماء, أن يسخرها في معالجة مجموعة من الظواهر والقضايا التي تهدد مستقبل الجالية، وعلى رأس ذلك :
- قضية التعليم والتربية والتكوين, حيث أن المسلمين في الغرب رغم أعدادهم الكبيرة فإنهم لم يستطيعوا في غالب الأحيان بناء مدارس خاصةبهم اقتداء بجاليات أخرى.
- قضية اللغة العربية التي همشت على المستوى الداخلي، فلا غرابة أن تغيب عن اهتمامات المشرفين على شؤون الجالية، حيث إن اللغة هي الرابط الأساسي بالمرجعية الاسلامية والهوية والوطنية.
- قضية الأحوال الشخصية التي أصبحت تؤرق الأسرة المسلمة في الغرب، خصوصا مع وجود ذلك التباين الكبير بين الأحكام الإسلامية والقوانين الغربية في قضايا المرأة والأسرة.
وغير ذلك من القضايا المصيرية والملحة التي يدل استفحالها على تقصير المسئولين عن شؤون الجالية وغياب استراتيجية واضحة- وعلى جميع المستويات- لفك العزلة الدينية واللغوية والثقافية عن إخواننا “أصحاب الخارج”.
وكعادتنا كل سنة، نخصص هذا العدد للحديث عن بعض ما نراه من أولويات المرحلة خاصة بعد أحداث 11 شتنبر 2001 واحتلال العراق, واحتلال الإسلام الريادة في الاهتمامات المحلية والدولية.
وإلى اللقاء في عدد شتنبر القادم بحول الله